تنويع اقتصاد الجزائر أفريقيا بوابة الخروج من الانغلاق النفطي
٩١ مشاهدة
وضعت القارة الأفريقية في قلب سياسة جديدة لتنويع موارد اقتصاد الجزائر الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط وباشرت خلال الآونة الأخيرة خطوات ملموسة في هذا الاتجاه إذ يعاني اقتصاد البلاد من تبعية مفرطة لإيرادات النفط والغاز التي تمثل ما يقارب 90 في المائة من مصادر النقد الأجنبي مع فشل الحكومات المتعاقبة في تنويع الاقتصاد وأعلنت السلطات الجزائرية رفع حصة الصادرات غير النفطية من 2 إلى 11 في 2022 أو ما يعادل سبعة مليارات دولار وتطمح إلى رفع الرقم إلى 13 مليار دولار في نهاية العام الجاري والوصول لاحقا إلى 15 مليار دولار توسع مصرفي ورفعت الجزائر صادراتها إلى أفريقيا من الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والمخصبات ومنتجات زراعية على غرار التمور والخضر والفواكه والأجهزة الكهرومنزلية ومستحضرات التجميل والعناية الجسدية وفي سبتمبر أيلول 2023 قام وزيرا التجارة الطيب زيتوني والمالية لعزيز فايد بتدشين أول مصرفين للجزائر في الخارج بكل من نواكشوط الموريتانية وداكار السنغالية إلى جانب معرضين دائمين للمنتجات الجزائرية في هذين البلدين والمصرفان يحملان اسم بنك الاتحاد الجزائري وهما ثمرة شراكة بين عدة مصارف حكومية جزائرية برأس مال بلغ 50 مليون دولار بالنسبة لفرع نواكشوط و100 مليون دولار بالنسبة لفرع داكار وتقول السلطات إن ثالث مصرف بالخارج سيتم افتتاحه قريبا بدولة كوت ديفوار ساحل العاج من بين أهدافه أيضا مرافقة المصدرين الجزائريين لدخول سوق هذا البلد الأفريقي ودول أخرى مجاورة وسبق لوزير التجارة الجزائري الطيب زيتوني أن أكد أن تدشين مصرف ومعرض المنتجات الجزائرية في نواكشوط هو انتقال من الخطابات إلى الأفعال وشدد زيتوني على أن هذه المصارف سترافق المتعاملين أصحاب الشركات الجزائريين وشركاءهم الموريتانيين والسنغاليين من أجل الانطلاق في عمليات تجارية حقيقية ووفق زيتوني فإن موريتانيا تنتمي إلى منطقة غرب أفريقيا التي توجد فيها سوق كبيرة بأكثر من 300 مليون نسمة وستسهل حسبه الانطلاق من هذا البلد للولوج إلى هذه السوق اقتصاد الجزائر أمام خيار استراتيجي في هذا السياق يعتقد علي باي ناصري وهو رئيس الجمعية الجزائرية للمصدرين مستقلة أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أدرج مبكرا ومنذ وصوله سدة الحكم التقارب مع أفريقيا كأولوية استراتيجية مع إمكانية بلوغ الصادرات ثلاثة مليارات دولار في غضون السنوات الثلاث المقبلة ويشرح علي باي ناصري في حديث مع العربي الجديد أنه ضمن هذا الخيار وجه الرئيس تبون بفتح معارض جزائرية في دول غرب أفريقيا في مرحلة أولى وفتح مصارف كما جرى التصديق على انضمام البلاد إلى منطقة التبادل الحر الأفريقية ويعلق بالقول كل هذه التدابير توضح التوجه الجزائري الواضح لرفع وزنها وحضورها الاقتصادي إلى مستوى وزنها السياسي والدبلوماسي في أفريقيا ويضيف هذه الإجراءات ستتوسع أيضا إلى الكاميرون وكوت ديفوار والتي ستشهد فتح معارض دائمة للمنتجات وأيضا مصارف جزائرية قبل نهاية العام الحالي ولفت إلى أنه من الضروري أيضا الإشارة إلى إطلاق الوكالة الجزائرية للتعاون والدولي برصيد مالي يقدر بمليار دولار موجهة لتمويل مشاريع ذات منفعة عمومية بأفريقيا وهي في حالة نشاط وهناك مشاريع في أجندتها ويعترف باي ناصري بأن حجم المبادلات البينية مع دول أفريقيا حاليا هي بمتوسط 500 مليون دولار سنويا ولا ترقى إطلاقا لحجم الطموحات والإمكانيات المتاحة ويعتبر باي ناصري أنه بالنسبة للمصدرين الجزائريين خارج قطاع المحروقات فإن الطموح هو بلوغ ثلاثة مليارات دولار من المبيعات في دول أفريقيا وخصوصا غرب القارة ومطلع العام 2022 أعلنت الجزائر افتتاح أول خط بحري بينها وبين موريتانيا والسنغال من أجل زيادة حجم التبادلات التجارية يربط ميناء جن جن بولاية جيجل على الساحل الشرقي بنواكشوط وداكار من جهتها أعلنت شركة الخطوط الجوية الحكومية الجزائرية قبل أشهر عن توسيع شبكتها نحو عواصم ومدن القارة السمراء لمواكبة التوجه الاقتصادي للبلاد إذ صارت تسير حاليا رحلات نحو تسع عواصم ومدن افريقية وتسعى لرفعها إلى 11 وجهة خلال العام الحالي كما أعلنت إدارتها سابقا كما كثفت الجزائر تحركاتها لدعم الصادرات إلى دول الجوار الجنوبي في إطار التحضير لتفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية التي قررت الانضمام إليها في مايو أيار 2021 وتنص الاتفاقية على استفادة الدول المنضمة من رفع القيود الجمركية التي يمكن أن تصل إلى صفر في المائة على مدى خمس سنوات بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وتشمل الاتفاقية 55 دولة أفريقية يتجاوز عدد سكانها 1 2 مليار نسمة توفير الثقة لشركات الجزائر أما المحلل الاقتصادي مراد كواشي فيرى أن الجزائر عادت بقوة نحو القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة وكانت البداية حسبه من موريتانيا والسنغال ببنوك ومعارض للمنتجات الجزائرية ويشير كواشي وهو أستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة أم البواقي الحكومية في حديث مع العربي الجديد إلى أن توجه الجزائر نحو دول في غرب أفريقيا سيعطي ثقة أكبر للشركات الجزائرية التي يمكن أن تنافس في هذه المنطقة وحسب المتحدث فإن الكثير من الشركات الجزائرية المصدرة عانت في السنوات الماضية من غياب بنوك جزائرية بالخارج بما فيها غرب أفريقيا وكانت تضطر للتعامل مع مصارف أجنبية ويشرح كواشي أن توجه الجزائر نحو غرب أفريقيا لم يقتصر على المصارف ومعارض الإنتاج بل امتد أيضا إلى الملاحة الجوية من خلال شركة الخطوط الجوية الحكومية التي أعلنت تسيير رحلات إلى دول افريقية فضلا عن خطوط بحرية بين موانئ جزائرية وأخرى في السنغال وموريتانيا ويعلق بالقول هناك توجه لتفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية وخصوصا بالقارة الأفريقية ويلفت إلى أن الجزائر تعمل حاليا على تنفيذ مشروع طريق بري يربط تندوف جنوب غرب والزويرات الموريتانية شمال والذي يعد معبرا أيضا نحو سوق غرب أفريقيا وحسب كواشي فإن مبادرة إطلاق معارض دائمة للإنتاج الجزائري في دول أفريقية ستساهم في الترويج أكثر للسلع والبضائع المحلية وإيجاد فرص تسويقية لها في المنطقة وهو ما سيعزز نمو القطاعات غير النفطية ويضيف أن موريتانيا والسنغال ما هما إلا بوابتان نحو سوق القارة السمراء التي تضم مليارا و200 مليون نسمة