اقتصاد إيران ما بعد رئيسي الشارع ينتظر تحسنا معيشيا
٤١ مشاهدة
اقتصاد إيران المتأزم منذ سنوات بفعل العقوبات الأميركية وسوء الإدارة الاقتصادية تعرض لصدمة برحيل رئيسها إبراهيم رئيسي في وقت شهدت الأسواق المحلية في الأشهر الأخيرة استقرارا نسبيا مع إعلان الحكومة تحسن مؤشرات اقتصادية منها تراجع التضخم والبطالة وزيادة الصادرات وخاصة النفطية منها رغم أن ذلك لم ينسحب على معيشة المواطن الذي مازال يشكو من واقعه الاقتصادي الصعب لكن الصدمة حاليا لم تنعكس بشكل لافت في سلوك الأسواق والمؤشرات الاقتصادية نتيجة تدخل الحكومة سريعا لضبط الأوضاع والسيطرة عليها فبعد انتكاسة أولية مؤقتة لبعض الأسواق مثل العملات والبورصة توقف ذلك وعاد منحى التحسن فيها نتيجة تدخلات حكومية سريعة مساء الأحد على وقع الأنباء عن مصير مجهول للرئيس الإيراني وسط حالة ترقب شديد وتفاؤل مشفوع بالأمل بشأن العثور على طائرته في المناطق الجبلية بمحافظة أذربيجان الشرقي شمال غربي البلاد بدأت تقلبات سريعة في أسواق العملات الأجنبية في السوق الموازي وذلك بعد إغلاق سوق العملات في طهران في الساعة السادسة عصرا وسرعان ما اتخذ سعر الصرف منحى تصاعديا بلغ نحو 600 ألف ريال لكل دولار ليل الأحد الاثنين في السوق الحر ذلك بعد أن عاد الهدوء إلى هذا السوق أخيرا إثر تصاعد التوترات بين إيران والاحتلال الإسرائيلي على خلفية استهداف الأخير للسفارة الإيرانية في دمشق ورد طهران على ذلك في 13 إبريل نيسان الماضي حيث سجل الريال الإيراني هبوطا قياسيا بلغ أكثر 700 ألف ريال لكل دولار قبل أن يتعافى بعد انخفاض منسوب التوترات إلى نحو 570 ألف ريال قبل حادث الطائرة المنكوبة كما أن البورصة الإيرانية أغلقت أبوابها الاثنين الماضي خشية تأثرها الشديد بالحادث خاصة أنها سجلت يوما أحمر الأحد الماضي بخسارة 62 ألف نقطة قبل الإعلان عن فقدان طائرة رئيسي إذ إن الحادث وقع بعد إغلاق البورصة لكن البورصة فتحت الثلاثاء أبوابها وشهدت تحسنا طفيفا بنحو ألف نقطة وأمس الخميس بعد أربعة أيام على وقوع الحادث لا يشهد سوق العملات تذبذبات كبيرة واستقر سعر الصرف في السوق الحر نحو 575 ألف ريال غير أن مراقبين يرون أن ذلك حصل بفعل تدخل من البنك المركزي الإيراني وأن هذا هدوء ما قبل العاصفة اقتصاد إيران مرتبط بملفات خارجية عن تداعيات غياب رئيسي على الاقتصاد الإيراني يقول رئيس جمعية رجال الاقتصاد الإيرانية الدكتور فرشاد برويزيان لـالعربي الجديد إن رحيل رئيس الجمهورية باعتباره أعلى مسؤول تنفيذي في البلاد يمثل صدمة سياسية كبيرة لكن هذه الصدمة لا تترتب عليها بالضرورة صدمة اقتصادية أيضا مثل بقية البلدان وذلك بسبب طبيعة نظام الحكم الإيراني المختلفة والأيام التي مرت على وفاة رئيسي تظهر أن الصدمة السياسية لم تفض إلى صدمة اقتصادية مماثلة ويضيف برويزيان أن رئيس الجمهورية في إيران ليس الشخص الوحيد الذي يقرر ويخطط للسياسات الاقتصادية لأن السياسات لا ترسم فقط على مستوى الوزارات والحكومة بل في مستويات أعلى لافتا إلى أن اقتصاد إيران اليوم له ارتباط وثيق بملفات خارجية مثل العقوبات وقضايا دولية وعلاقات خارجية وهي ملفات لا تقرر الوزرات والحكومة وحدها بشأنها تتخذ القرارات حولها على مستويات أعلى وبالتالي يستبعد الخبير الاقتصادي وقوع تبعات اقتصادية كبيرة على غياب رئيسي مشيرا إلى أن المتغيرات الاقتصادية ستبقى على حالها إلى حد كبير لأن نظام الحكم الاقتصادي كما هو من دون تغيير كما يرى أن هذه الصدمة لو كانت لها تأثيرات لكان يفترض أن تطيح بسوق العملات والبورصة والأسواق المالية خلال وقت قصير لكن الأسواق في غضون ساعات استوعبت الصدمة وحتى سعر الصرف بعد ساعات من ارتفاع عاد لفترة للنزول إلى أقل مما كان عليه قبل الحادث لكن هذا لا يعني أن سوق العملات والأسواق المالية الإيرانية خلال الشهور المقبلة لن تشهد اضطرابات وفق رئيس جمعية رجال الاقتصاد الذي يقول إن المؤشرات والأسواق الإيرانية بطبيعة الحال تواجه قضايا متعددة منها العقوبات المستمرة وعجز الموازنة لكن في الوقت نفسه هذا الاضطراب إن حصل لا علاقة له برحيل الرئيس الإيراني مشيرا إلى أنه ربما تتحسن هذه المؤشرات نتيجة سياسات قد تتخذها الحكومة المقبلة أو على مستويات أعلى اقتصاد إيران تنتظره استحقاقات مهمة خبير الأسواق المالية الإيراني الدكتور همايون دارابي له وجهة نظر مختلفة حيث يقول لـالعربي الجديد إن رحيل رئيسي كان حدثا كبيرا للغاية على الصعيدين الداخلي والدولي وستكون له تأثيرات مهمة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكون رئيس الجمهورية أعلى مسؤول تنفيذي في البلاد وثاني شخصية فيها بعد المرشد وعليه يضيف دارابي أن سياسات الرئيس وأفكاره ونموذجه في الإدارة لها تأثيرها كما أن الوضع بات معقدا إلى حد ما بعد رحيل رئيسي على وقع تغيير الحكومة بعد ثلاث سنوات من عمرها وإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة إلى جانب البرلمان الجديد الذي انتخب في انتخابات مارس أذار الماضي ويوضح الخبير في حديثه مع العربي الجديد أن النشطاء الاقتصاديين ينتظرون اتجاهات الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد انتخابات 28 يونيو المقبل الرئاسية قائلا إن إيران تفتقر إلى أحزاب قوية لذلك هوية الرئيس تكتسب أهمية كبيرة ويلفت دارابي إلى أن استحقاقين انتخابيين لهما تأثيرهما على مستقبل اقتصاد إيران هما الانتخابات الرئاسية المقبلة وما يعقبه من مستوى التنسيق والتعاون بين الحكومة الجديدة والبرلمان الجديد والاستحقاق الثاني هو الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قال إن نتائجها من شأنها أن تترك أثرا كبيرا على سياسات إيران الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة يتابع الخبير الإيراني أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي كانت غارقة في قضايا اقتصادية يومية وأحيانا الحظ كان يحالفها بسبب ارتفاع أسعار النفط الذي وصل إنتاج النفط الإيراني العام الماضي إلى الحد الأقصى بالمقارنة مع السنوات السابقة بنحو 3 5 ملايين برميل يوميا لكن الحكومة في الوقت ذاتها كانت تفتقر إلى برنامج اقتصادي متكامل ومنسجم يوضح دارابي أن حكومة رئيسي ركزت كل جهدها على احتواء التضخم ولو على حساب دخول البلاد في مرحلة الركود التضخمي وهو ما قلص القدرة على إجراء إصلاحات اقتصادية مضيفا أنها اتبعت سياسة احتواء التضخم من خلال رفع سعر الفائدة والحد من القروض البنكية وذلك لأجل خفض التضخم الذي تراجع وفق أرقام حكومية إلى أقل من 40 زيشير إلى أن هذه السياسة الاقتصادية كان لها دافع انتخابي أيضا حيث إن البلد كان على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة خلال 2025 أي بعد عام تقريبا من وفاة الرئيس الحالي كما يبين دارابي أنه بعد رحيل رئيس الجمهورية إيران أمام شهرين من التردد في المرحلة الانتقالية مشيرا إلى أن الرئيس الراحل رغم انتمائه إلى التيار اليميني لكن سياساته الاقتصادية لم تكن يمينية وكانت على أساس اقتصاد إيران الحكومي إذ إنها كانت تشبه سياسات الرئيس السابق حسن روحاني الاقتصادية في دورتها الأولى ودعا إلى التريث حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة في إيران وظهور نتائجها لمعرفة هوية الرئيس المقبل والسياسات الاقتصادية التي سيتبعها إن كانت مختلفة عن سياسات رئيسي أو تتوافق معها الحكومة الجديدة التي ستتمخض عن نتائج انتخابات الرئاسة خلال يونيو المقبل عليها نيل الثقة من البرلمان الجديد الميال إلى الاقتصاد الحكومي والعمل مع هذا البرلمان كما يقول دارابي لـالعربي الجديد متوقعا أن تواصل الحكومة المقبلة مسيرة حكومة رئيسي الاقتصادية إذا بقيت أسعار النفط على ما هو عليه اليوم واستمرت الصادرات النفطية الإيرانية أيضا على هذا النحو علما بأنها وصلت العام الماضي إلى 36 مليار دولار لكن إذا تراجعت أسعار النفط وتراجعت الصادرات النفطية فستواجه الحكومة الإيرانية الجديدة وفق دارابي مشاكل كثيرة ستتضاعف إذا لجأت الحكومة إلى إصلاحات اقتصادية في ظل الركود التضخمي ونسبة الفقر المنتشرة 30 قائلا إن الإصلاحات في هذه الظروف على صعيد سعر الصرف وتقليص الدعم الحكومي للسلع وخاصة الطاقة لها تبعاتها التضخمية أيضا المواطن الإيراني ينتظر تحسين مستوى المعيشية هذا ويترقب اليوم الشارع الإيراني بحذر ما سيحصل مع اقتصاد إيران المتأزم بعد رحيل رئيسي الذي كان الاقتصاد وتحسينه شعاره الأول في حملته الاقتصادية قبل تولي الرئاسة عام 2021 وسط انتقاداته الشديدة لسلفه حسن روحاني وأطلق رئيسي وعودا كثيرة للشارع بتحسين واقعه المعيشي الصعب واحتواء التضخم واليوم بعد رحيله عقب ثلاث سنوات من رئاسته لا يشعر المواطن بتحسن لافت في وضعه المعيشي رغم إعلان السلطات الاقتصادية خلال العام الأخير عن تحسن مؤشرات اقتصادية مثل تراجع التضخم الشهري إلى نحو 38 وانخفاض البطالة إلى أقل من 10 غير أن هذه السلطات تقول إن انعكاس تحسن هذه المؤشرات على الحياة الاقتصادية للمواطن بحاجة إلى وقت لكي تظهر نتائجه الرئيس الإيراني الراحل رغم مواصلة المسار التفاوضي مع الولايات المتحدة بشكل غير مباشر لإحياء الاتفاق النووي بما يرفع العقوبات الأميركية الشاملة على اقتصاد إيران لكنه لم يكن متفائلا كثيرا بنجاح هذا المسار بالتالي منذ بداية رئاسته سعى إلى قطع طرق أخرى للالتفاف على هذه العقوبات وإفشال مفاعيلها منها تبني سياسة دبلوماسية الجوار والاستدارة نحو الشرق أي الصين وروسيا وقد نجحت هذه الدبلوماسية في خفض التوترات في العلاقات الإيرانية في المنطقة خاصة مع الدول العربية وتوجت باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية خلال مارس آذار 2023 ودول عربية أخرى وسط مساع جادة لإحياء العلاقات الاقتصادية مع مصر مع تطوير العلاقات مع الإمارات التي تشكل رئة اقتصادية لإيران في ظروف الاقتصاد بالنظر إلى حجم التجارة الاقتصادية الكبيرة بين البلدين وفي الأثناء تمكنت إيران في عهد رئيسي من بيع كميات كبيرة من نفطها المحظور أميركيا وصلت في بعض الأحيان إلى 1 5 مليون برميل يوميا بينما كان الرقم قبل سنوات نحو 400 ألف برميل