ما بعد استشهاد السنوار

٢٤ مشاهدة
استشهد قائد حركة حماس في قطاع غزة ورئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار بعد استشهاد رئيسها السابق إسماعيل هنية في طهران وكأن قرار تنصيبه في حينها يتلخص في القول إن من خطط لعملية طوفان الأقصى ونفذها في 7 أكتوبر 2023 وفاجأ بها القريب قبل البعيد والصديق قبل العدو ومن قاد المقاومة الأسطورية في غزة أكثر من عام عليه أن يكمل قيادة المشهد حتى نهاية حرب الإبادة الجماعية التي يشنها العدو الصهيوني جاء استشهاد أبو إبراهيم استكمالا للصورة ذاتها التي رسمت في اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى حين تسمر الملايين أمام شاشات التلفاز وهم يشاهدون بأعينهم عملية عسكرية تشبه أفلام الخيال العلمي ويشاهدون انهيار الدفاعات الإسرائيلية وهزيمة فرقة غزة خلال ساعات قليلة وتوجت في لحظة استشهاده التي لا تقل أهمية وبريقا عن الصورة الأولى التي رسمها الطوفان والمقاومة الممتدة ليدحض كل حديث عن اختبائه خلف الرهائن أو مفاوضات ترتب لخروجه من غزة التي نشأ فيها قائدا شجاعا ومقاتلا مشتبكا حتى اللحظة الأخيرة من مساره النضالي الممتد لتكتمل صورة نمط استثنائي من القيادات التي لا تحيد عن مبادئها وأهدافها على الرغم من رحيله قبل أن تتوقف حرب الإبادة الجماعية التي امتدت خارج غزة وفلسطين لتشمل لبنان وتهدد بحرب إقليمية لتتباين التقديرات حول مرحلة ما بعد السنوار وتتباعد في رؤاها ونتائجها لن يكون اليوم التالي لما بعد السنوار وقف الحرب فهي معركة وجود لنتنياهو وللشعب الفلسطيني الولايات المتحدة والمعسكر الغربي روجا كذبة صدقاها مفادها أن مقتل السنوار سيمهد الطريق لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى المقاومة وفاتهم أن استشهاد السنوار زاد الأمر تعقيدا وصعوبة فهو الذي كان يمسك خيوط مسألة الأسرى كلها ويتابع بالتفصيل مفاوضاتها التي كانت تتوقف حين يتعذر الاتصال به وخلال وجوده كانت المقاومة تطلب أياما بعد تنفيذ وقف إطلاق النار لتتمكن من جمع الأسرى من نقاط احتجازهم وربما لمعرفة مصيرهم وما إذا كان بعضهم قد قتل في القصف الصهيوني المستمر أم ما زال حيا فكيف يكون الحال بعد استشهاد السنوار وما هي ردة فعل إخوانه الذين يحتجزون من تبقى من الأسرى أحياء أو جثامين خصوصا أن ثمة تعليمات أعلنها الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبو عبيدة أفادت بأن حياة الأسرى معرضة للخطر إذا ما اقترب الجيش الإسرائيلي من النقاط التي يحتجزون فيها سعيا وراء حرمان العدو من ادعاء قدرته على تحرير أسراه سيعقد استشهاد السنوار مسألة إطلاق سراح هؤلاء بل قد يجعل حياتهم في مهب الريح وقد تختفي آثار بعضهم إلى الأبد كما حدث مع رون أراد في الاجتياج الإسرائيلي للبنان عام 1982 ولعل ما رافق الدعاية الغربية والإسرائيلية عن فتح نافذة في هذا الملف لا يتعدى محاولة لامتصاص النقمة المشتعلة في صدور ذويهم وتحميل السنوار مسألة عدم تنفيذ الصفقة لم تصمد هذه الكذبة ولذا لاحظنا تراجعا في التصريحات عن عودة نشاط مباحثات وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى وتأجيل ذلك كله إلى ما بعد تحقيق وقف لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية راجت تحليلات منذ بداية حرب الإبادة الجماعية ترجع استمرارها إلى عجز رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن إيجاد صورة نصر تسمح له بوقفها والاستمرار في حياته السياسية أو التمتع بتقاعد مريح بعيدا من محاكمة تنتظره وسجن يهدده ويعتقد هؤلاء أن تلك الصورة قد اكتملت بعد استشهاد قائد القسام الذي جاء بعد سلسلة ضربات متلاحقة طاولت حزب الله من هجمات أجهزة البيجر والووكي توكي إلى استشهاد أمينه العام حسن نصر الله وعدة قادة في الحزب ولذلك يميلون إلى أن وقف الحرب قد أصبح حاليا في متناول اليد لا ينطلق هذا الرأي من أرضية صلبة فاستمرار الحرب وامتدادها لا يتعلقان بمستقبل نتنياهو الشخصي وإنما برؤيته السياسية والتحولات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي المتحد حولها هي حرب وجود واستقلال ثانية كما يصفها وبآخر تعبيراته هي حرب انبعاث أي إن الكيان الصهيوني يبعث من جديد على يديه متهما الجيل الأول الذي بنى الدولة بالعجز عن إكمال مهمته التي سيستكملها ملك إسرائيل بنيامين نتنياهو عبر تغيير خريطة الشرق الأوسط أما صورة النصر المتوهمة فهي لا تعدو خطوات في هذا الطريق تعزز من نظرته ورؤيته وتجعله يستمر في هذه الحرب إلى أبعد مدى استشهاد السنوار سيعقد مسألة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بل قد تختفي آثار بعضهم إلى الأبد كما رون أراد لن يكون اليوم التالي لما بعد استشهاد السنوار وقف الحرب لا من جهة نتنياهو ولا من جهة الشعب الفلسطيني فهي معركة وجود للطرفين وما هو ثابت فيها ويسجل لـطوفان الأقصى بقيادة أبو إبراهيم أنه أعاد إحياء القضية الفلسطينية نتنياهو ماض في خطته والشعب الفلسطيني مستمر في صموده على أرضه وتمسكه بروايته وفي مقاومته بجميع الأشكال المتاحة له قد نتقدم أو نتراجع فالحرب كر وفر وقد تتغير القيادات وتتعدد وسائل النضال وأشكاله أما الهدف فيبقى ثابتا ستبقى المقاومة في غزة تخوض حرب استنزاف طويلة ضد الاحتلال ما دام الاحتلال مستمرا وهي قادرة على إعادة رص صفوفها وبناء قدراتها وتجديد قياداتها بما يتناسب مع الظروف المحيطة والتغيير الذي قد ينجم عن استشهاد أو اغتيال أو تغيير قيادة ما في أي جسم سياسي أو عسكري أو حتى في الدول لا يأتي نتيجة غياب الأشخاص في مواقعهم القيادية بل ينتج من تغير في ما تدعى البنية العميقة وهو تغير ناجم عن اختلاف في موازين القوى والمعادلات السياسية والعسكرية وغيرها وما نلاحظه في السطح هو اختلاف الأسماء كما حدث بعد غياب ياسر عرفات وجمال عبد الناصر ويوري أندروبوف فهذه الصورة التي تظهر للعيان أما الواقع فيشير إلى تحولات عميقة في خلفيتها شكلت معركة طوفان الأقصى بقيادة يحيى السنوار منعطفا عميقا وتحولا كبيرا في القضية الفلسطينية ونفضت الغبار الذي غطاها منذ نهاية الانتفاضة الثانية 2000 وسيكون لها ما بعدها في حياة الشعب الفلسطينيى ومستقبله واستشهاد السنوار مدماك إضافي في طريق حريته ليس مهما من يخلف السنوار وكيف ستعيد حماس تنظيم صفوفها بقدر أهمية الانتباه إلى استخلاص الدروس وتقييم التجربة وتحديد الأولويات في المرحلة المقبلة والسير باتجاه الوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإغاثة الأهل في قطاع غزة والانتباه إلى معركة الضفة الغربية والقدس ومواجهة التطبيع العربي الذي نجح الطوفان في إعاقته والانتباه إلى عدم التورط والانجرار خلف المخططات الأميركية وبعض النظام العربي للتساوق مع المخطط الإسرائيلي لإقامة إدارة محلية تحت الاحتلال في قطاع غزة لن تلبث أن تمتد لتشكل نموذجا يمكن تطبيقه في الضفة أيضا أعاد السنوار القضية الفلسطينية إلى واجهة الحدث وبعد السنوار علينا جميعا أن نبقيها فيها ونتقدم أكثر في طريق الحرية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح