شهدت كينيا تطورات دامية أول من أمس الثلاثاء احتجاجا على رفع الضرائب مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى خلال تظاهرة أدت إلى اقتحام المحتجين مبنى البرلمان في العاصمة نيروبي وجاءت احتجاجات كينيا بعد نحو عامين من انتخابات رئاسية ونيابية أفرزت رئيسا ومجلسا نيابيا بغالبية ضئيلة مما وضع البلاد على حافة الاضطراب السياسي والاجتماعي واقتحم آلاف المتظاهرين وأحرقوا قسما من البرلمان الكيني الثلاثاء احتجاجا على قانون المالية الجديد الذي يتضمن مقترحات ضريبية وردت الشرطة بإطلاق النار وقتل العديد من المتظاهرين وإصابة مائة منهم على الأقل وفقا لجماعات المجتمع المدني فيما لم يعرف بعد عدد المعتقلين وقال رئيس الجمعية الطبية الكينية سايمن كيغوندو لوكالة فرانس برس إن 13 شخصا قتلوا غير أن هذا العدد ليس نهائيا مشيرا إلى أنه لم نشهد على مثل ذلك من قبل سبق أن شهدنا أعمال عنف في العام 2007 بعد الانتخابات لكن لم نر قط مثل هذا المستوى من العنف ضد أشخاص عزل وقصد كيغوندو الأحداث التي تلت رئاسيات 2007 ودامت بين 27 ديسمبر كانون الأول 2007 و28 فبراير شباط 2008 حين اشتبك أنصار المرشح الرئاسي الخاسر رايلا أودينغا مع أنصار الرئيس الفائز في حينه مواي كيباكي وأدت أعمال العنف وقتها إلى مقتل ما بين 800 و1500 شخص ونزوح ما بين 180 ألفا و700 ألف من منازلهم زعيم المعارضة الحكومة أطلقت عنان القوة الغاشمة ضد أطفال بلادنا أسباب احتجاجات كينيا وكانت احتجاجات كينيا قد اندلعت بعد بدء النواب في البرلمان مناقشة زيادة الضرائب لخدمة ديون البلاد الضخمة التي بلغت نحو 10 تريليونات شلن 78 مليار دولار أي ما يعادل نحو 70 من الناتج المحلي الإجمالي لكينيا وعلى الرغم من تراجع المشرعين عن بعض المقترحات التي كان من شأنها أن تؤثر على شراء الخبز وملكية السيارات والخدمات المالية أبدت الحكومة عزمها على زيادة أسعار الوقود ورسوم التصدير وذلك على الرغم من أن كينيا من بين أكثر الاقتصادات ديناميكية في شرق أفريقيا غير أن ثلث سكانها البالغ عددهم 52 مليون نسمة يعيشون في فقر ودفعت التطورات العنيفة الرئيس وليام روتو إلى نشر الجيش واصفا في مؤتمر صحافي الأحداث بـالخيانة وتعهد بقمع الاضطرابات بأي ثمن محذرا من أن حكومته ستتخذ موقفا متشددا ضد العنف والفوضى لكن خصمه زعيم المعارضة رايلا أودينغا اعتبر أن الحكومة أطلقت العنان لـالقوة الغاشمة ضد أطفال بلادنا وقال لا يمكن لكينيا أن تقتل أطفالها لمجرد أن الأطفال يطلبون الطعام والوظائف وآذانا صاغية وحظيت احتجاجات كينيا باهتمام دولي إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن شعوره بـحزن عميق إزاء تقارير عن سقوط قتلى وإصابات وكتب على منصة إكس تويتر سابقا أحث السلطات الكينية على ممارسة ضبط النفس وأدعو إلى أن تكون جميع التظاهرات سلمية كما دعا البيت الأبيض إلى الهدوء وقالت أكثر من 10 دول غربية بما في ذلك كندا وألمانيا وبريطانيا إنها صدمت بشكل خاص من المشاهد التي شوهدت خارج البرلمان الكيني وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد عن قلقه العميق إزاء الخسائر في الأرواح حاثا الجميع على الهدوء والامتناع عن المزيد من العنف ولم تكن احتجاجات كينيا منفصلة عن مراحل سابقة وآخرها الانتخابات العامة الرئاسية وحكام الأقاليم والشيوخ والنواب التي أجريت في 9 أغسطس آب 2022 وفاز روتو بالرئاسيات بـ50 49 من الأصوات على حساب أودينغا الذي نال 48 85 واتهم أودينغا الرئيس الفائز بتزوير الرئاسيات بعدما رفض أربعة من الأعضاء السبعة في لجنة الانتخابات النتيجة غير أنه لم يؤخذ برأيهم وأقر فوز روتو وبالإضافة إلى الرئاسيات فإن الانتخابات التشريعية شهدت فوز تحالف روتو كينيا كوانزا بـ179 مقعدا بينها 143 لحزب الرئيس التحالف الديمقراطي المتحد من أصل 349 مقعدا برلمانيا في المقابل فاز تحالف المعارضة بقيادة أودينغا بـ158 مقعدا وللحصول على الغالبية النيابية يتوجب على الفائز الحصول على 175 نائبا ولم تنج الانتخابات التشريعية من اتهامات المعارضة بالتزوير وعلى الرغم من أن روتو تعهد بلم شمل وتوحيد البلاد بعد انتخابات 2022 غير أنه فشل في ذلك خصوصا أن التعثر الاقتصادي ظل مهيمنا على كينيا مع استمرار التظاهرات المنددة بالغلاء وبتدني الرواتب والتي قادها أودينغا في الأشهر الماضية حتى أن حكومة روتو أقرت في إبريل نيسان 2023 بأنها تواجه أزمة سيولة أدت إلى تأخير دفع رواتب آلاف العاملين في القطاع العام تعهد الرئيس الكيني بقمع الاضطرابات بأي ثمن سيناريوهات مستقبلية ومن شأن دعوة المعارضة إلى استمرار الاحتجاجات أن ترفع من وتيرة العنف في غياب أي سيناريو تسوية بينها وبين السلطة خصوصا أن حوارا عقد العام الماضي بين روتو والمعارضة لم يثمر أما في الوقت الحالي فإن للمعارضة هدفا واحدا لإلغاء أي تظاهرات جديدة هو السحب السريع ومن دون أي شروط لمشروع قانون المالية من قبل الحكومة وإيجاد ظروف لإطلاق حوار جديد حسبما أفاد أودينغا عبر إكس مساء الثلاثاء وسعى روتو لتهدئة الوضع عبر رفضه التوقيع على مشروع قانون المالية أمس الأربعاء وأعاده إلى البرلمان لتعديله وقال روتو بعد أن استمعت بعناية إلى شعب كينيا الذي قال بصوت عال وواضح أنه لا يريد المشروع فإنني أحني رأسي ولن أوقعه ودعا الرئيس إلى التشاور الوطني وعلى الرغم من أن احتجاجات كينيا داخلية في الأساس إلا أن انعكاساتها الإقليمية هامة نظرا إلى موقع البلاد الجيوبوليتيكي في الشرق الأفريقي من جهة ولأهميتها لدى الأميركيين من جهة أخرى إذ لطالما عدت من أهم حلفاء الولايات المتحدة في القارة الأفريقية إلى درجة أن الرئيس جو بايدن وقع الاثنين الماضي مرسوما قضى بمنح كينيا صفة الحليف الرئيسي خارج حلف شمال الأطلسي ناتو ووفقا لموقع وزارة الخارجية الأميركية فإن صفة الحليف الرئيسي خارج ناتو دليل على علاقات وثيقة مع واشنطن رغم أن هذه الصفة لا تنص على أي التزامات أمنية للولايات المتحدة أمام الدولة الحليفة وجاء تحول كينيا إلى الدولة الـ 19 في خانة الحليف الرئيسي خارج ناتو للولايات المتحدة بالتزامن مع استمرار انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال أتميس من الصومال المجاور لكينيا ومن شأن إتمام انسحاب القوات الأفريقية في 31 ديسمبر المقبل وارتفاع حدة الاضطرابات في كينيا أن يسمحا لحركة الشباب في استغلال الفرصة بعد فترة من نجاح الجيش الصومالي في ضربها كما تزامنت احتجاجات كينيا مع مغادرة أول مجموعة من الشرطة الكينية نيروبي مساء الاثنين الماضي إلى هايتي للمساهمة في إعادة استقرار وضع البلاد الواقعة في البحر الكاريبي بموجب قرار صادر من مجلس الأمن الدولي في أكتوبر تشرين الأول الماضي العربي الجديد رويترز فرانس برس أسوشييتد برس