ابتزاز اللاجئين السودانيين المال مقابل إتمام الإجراءات في أوغندا
٢٨ مشاهدة
يكشف تحقيق العربي الجديد الاستقصائي عن ابتزاز اللاجئين السودانيين في أوغندا على يد شبكات من الموظفين المكلفين إتمام إجراءاتهم لكنهم إما أن يدفعوا رشى وإما أن ينتظروا إلى ما لا نهاية ما يوقف حياتهم ويعطل أوراقهم دفعت اللاجئة السودانية ناهد عبد الرحمن 152 ألف شلن أوغندي 40 دولارا أميركيا إلى موظف سوداني الجنسية يعمل في مكتب اللاجئين بمركز شرطة كمبالا القديمة يختص بتسجيل اللاجئين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة من أجل إتمام إجراءات اللجوء والحصول على بطاقة هوية بعدما فشلت أكثر من مرة في الحصول عليها منذ مايو أيار 2023 عقب هروبها من الحرب الدائرة في بلادها منذ الخامس عشر من إبريل نيسان في العام ذاته وباختصار لم يكن أمامي من خيار سوى دفع المال بعد معاناتي وصديقاتي مع الموظف نفسه الذي رفض إتمام الإجراءات دون دفع الرشوة تقول العشرينية عبد الرحمن التي ما إن دفعت حتى تسلمت البطاقة بعد خمسة أيام مضيفة لـالعربي الجديد حاولت تقليل المبلغ في ظل الوضع الصعب الذي نعيشه لكن الموظف قال إنه يتقاسمه مع آخرين ويتكرر ما سبق في مراكز تسجيل اللاجئين بحسب معلومات المحامية الأوغندية نتالي جيسمون الباحثة في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام مستقل التي وثقت معاناة طالبي اللجوء وتوضح جيسمون لـالعربي الجديد أن تلك الشبكات تقوم على متعاونين من جنسيات طالبي اللجوء وهؤلاء يعملون في الترجمة وإكمال الإجراءات وتمول مرتباتهم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين المال في مقابل إتمام الإجراءات يحق لأي شخص التقدم بطلب للحصول على اللجوء ويجب الرد عليه بالقبول أو الرفض وبينما تختلف الإجراءات من دولة إلى أخرى إلا أن الثابت هو أن يكون المتقدم هاربا من اضطهاد أو من مناطق حروب وأخرى خطرة حسبما تحدد المديرة السابقة للبرامج في المنظمة الدولية للهجرة بمصر الدكتورة أميرة أحمد الخبيرة في قضايا الهجرة واللاجئين موضحة لـالعربي الجديد أنه في الحالة السودانية يجب أن تقبل طلبات اللجوء مباشرة وعقب الوصول إلى أوغندا يتعين على اللاجئ فتح بلاغ وتقديم طلب لجوء في مركز شرطة وتعبئة استمارة تتضمن بياناته مثل الاسم والعمر وعدد أفراد الأسرة وموعد الوصول وأسباب اللجوء وطريقة الدخول إلى البلاد ومن ثم يذهب إلى مكتب رئيس الوزراء OPM المعني بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة ليستكمل إجراءات أخذ البصمات وحجز موعد زمني للمقابلة وبعدها يتسلم شهادة طلب لجوء Asylum seeker توفر له حق الحماية والتمثيل القانوني وعقب استكمال التسجيل يحصل على بطاقة هوية للاجئين صالحة لمدة خمس سنوات كما توضح المحامية جيسمون وموقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين اللذان أكدا أن الخدمات والأنشطة التي تقدمها المفوضية مجانية لكن طلب المال خلال استكمال مراحل اللجوء تكرر مع سبعة سودانيين خلال الفترة بين مايو 2023 ومايو 2024 بحسب ما وثقه معد التحقيق خلال محاولاتهم الحصول على بطاقة اللجوء في قسم شرطة كمبالا القديمة ومكتب رئيس الوزراء OPM ومعسكر كيرياندونغو خصص لتسجيل اللاجئين السودانيين في منتصف يناير كانون الثاني 2024 شمال شرقي أوغندا الذي تواصل مع موظف سوداني يعمل فيه بعدما حصل على رقم هاتفه من سائق سيارة أجرة ينقل طالبي اللجوء من كمبالا إليه وأوهمه بأن أسرة مكونة من خمسة أفراد ترغب في إتمام الإجراءات وتحتاج إلى تسجيل طلبات اللجوء والحصول على البطاقات فرد عليه عبر تطبيق واتساب بأن تكاليف استخراج بطاقات اللجوء لأفراد الأسرة الخمسة 951 ألف شلن 250 دولارا على أن يتم ذلك خلال يومين إن كانت شبكة إدخال البيانات في حالة جيدة وأضاف في المراسلة التي حصل العربي الجديد على نسخة منها أنه يتقاسم المال مع موظفين في المعسكر يعملون على تسريع العملية عبر الشبكة وتكرر الأمر مع سمر محمود التي أكدت في محادثة مع معد التحقيق عبر تطبيق واتساب أن ثلاثة من أصدقائها أكدوا دفع 114 ألف شلن 30 دولارا عن كل واحد منهم لموظفين سودانيين وأوغنديين لتسهيل الإجراءات وهو ما فعلته محمود قائلة عقب الدفع يوضع اسم اللاجئ في قائمة منفردة لتسريع الإجراءات وأخذ البصمة واستخراج بطاقة اللجوء وقطعت الثلاثينية محمود مع أسرتها المكونة من ثلاثة أشخاص بينهم والدها المسن والمريض أربع ساعات من كمبالا إلى المعسكر مضيفة بألم تعقيد الإجراءات أرهقنا وسهل من حصول الموظفين على الرشاوى ويتطابق ما سبق مع إقرار موظف رفض الكشف عن هويته خشية الفصل من العمل في معسكر كيرياندونغو بأن موظفين سودانيين وأوغنديين يتلقون رشى في مقابل تسهيل الإجراءات وإتمام التسجيل معيدا ذلك إلى تدني مرتباتهم التي لا تتجاوز 130 دولارا شهريا كما يقول مضيفا لـالعربي الجديد الجميع يعلم ذلك لكن ليس بيد الإدارة شيء لتفعله وتتفاقم تلك الممارسات بسبب المناخ السائد في أماكن التسجيل رغم أن قانون العقوبات الأوغندي لسنة 2000 شدد عقوبة السجن على الموظف المرتشي إذ تنص المادة 273 على أن أي موظف عام يطلب أو يوافق على تلقي أو يقبل أي ميزة لنفسه أو لشخص آخر للتأثير في أدائه لواجبه الرسمي يرتكب جريمة تلقي رشوة وعقوبتها السجن لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة مالية كما تقول المحامية جيسمون لماذا تفاقمت عملية استغلال اللاجئين السودانيين في منتصف يناير الماضي قرر مكتب رئيس الوزراء OPM نقل اللاجئين السودانيين إلى معسكر كيرياندونغو من أجل إتمام إجراءات اللجوء بعد ارتفاع أعدادهم وعدم قدرة مركز شرطة كمبالا القديمة على استيعابهم كما يوضح عثمان آدم رئيس لجنة الاتصال في مجتمع اللاجئين السودانيين لـالعربي الجديد وخلال الثلث الأول من العام الجاري استقبلت أوغندا 14 453 وافدا جديدا من السودان وفق تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الثالث من إبريل الماضي بعنوان الوضع في السودان بين 28 مارس آذار والثالث من إبريل 2024 ومن بينهم 7500 لاجئ من الحاصلين على مؤهل جامعي بينما استقبلت البلاد خلال العام الماضي 30 ألف لاجئ سوداني بحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 44 453 لاجئ سوداني في أوغندا منذ بدء الحرب في إبريل 2023 وبسبب التزايد في الأعداد تفاقمت عمليات استغلال اللاجئين وإجبارهم على دفع الرشى ومن بينهم العشرينية أسرار أحمد التي لاحظت الأمر في كل مراحل تسجيل اللجوء عقب وصولها إلى أوغندا من خلال الحدود البرية مع دولة جنوب السودان في 17 أغسطس آب 2023 ففي مركز شرطة كمبالا طلب منها موظف سوداني الجنسية إثبات الشخصية وأخذ صورة لها في غرفة خارج المركز ثم طلب منها الدخول مع صديقتها إلى غرفة فارغة بالمركز وقال لهما إن كل شيء هنا بمقابل مالي وعندما رفضتا دفع المال أعاد لهما الأوراق وطلب منهما مغادرة المكان وفي المرة الثانية عرضت ورفيقتها على الموظف دفع نصف المبلغ 114 ألف شلن 30 دولارا بسبب عدم امتلاك المال وظروفهما السيئة ما جعله يوافق على البدء بالإجراءات الأولية للجوء وفي مكتب رئيس الوزراء OPM قابلت أحمد موظفا سوداني الجنسية ودفعت له كذلك 380 ألف شلن 100 دولار بعد أن أخبرها بأن عدم الدفع قد يسبب تأجيل استكمال الإجراءات عاما آخر مضيفة لـالعربي الجديد كنت أحتاج البطاقة لأتمكن من فتح حساب بنكي والتسجيل للدراسة وبالفعل تسلمتها بعد شهر من دفع المال تجربة أخرى خاضها معد التحقيق إذ حرم بطاقة اللجوء بسبب رفضه دفع 114 ألف شلن 30 دولارا لموظف سوداني في مكتب رئيس الوزراء OPM من أجل استكمال الإجراءات على الرغم من تحذير الموظف له بأن عدم الدفع سيطيل الأمر وقد يرفض طلب اللجوء الأمر الذي يؤكده المحامي الأوغندي ديفيد واساويا مدير مركز تنمية المجتمع والتعايش السلمي غير حكومي يعنى بتقديم المساعدة القانونية للاجئين قائلا لـالعربي الجديد يدفع اللاجئون المال مقابل تسهيل الحصول على بطاقة اللجوء رغم أن الإجراءات كلها مجانية وهو ما يعيده المحامي السوداني زهير عبد الله المسؤول السابق في الحماية القانونية للاجئين بمكتب بالمفوضية السامية في السودان إلى عدم معرفة اللاجئين بالإجراءات وكل ما يحيط بها من قرارات صادرة عن المفوضية وبالتالي يسهل اصطياد الضحايا الكثر الذين تستهدفهم الشبكات التي تبدأ من سائقي التاكسي وصولا إلى الموظف المختص توقف إجراءات تسجيل طلبات اللجوء في حال رفض اللاجئ دفع الرشوة تشديد العقوبات لم يوقف الظاهرة يعترف مصدر في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام بوقوع تجاوزات لكنه أكد لـالعربي الجديد أن مكتب رئيس الوزراء OPM ومفوضية اللاجئين شكلا لجنة بالتعاون مع الشرطة بعد تلقي 14 شكوى من لاجئين سودانيين منذ أغسطس 2023 ضد موظف سوداني الجنسية مهمته مساعدة طالبي اللجوء وجرى تتبعه والقبض عليه متلبسا وفصل من العمل في يناير 2024 ويقول المفوضية لا تتساهل في أي عمليات فساد وفي حال ورود شكاوى سنتعامل معها بجدية ويؤدي انتشار اللاجئين وتزايد أعدادهم إلى دفع اللاجئين رشاوى لسماسرة من أجل تسريع عملية التسجيل وفق دراسة وضع اللاجئين في أوغندا الصادرة عن المجلس النرويجي للاجئين منظمة غير حكومية تعنى بمساعدة الناس وحقوق الإنسان في الدول التي تستضيف اللاجئين في عام 2018 لكن الخبيرة في قضايا الهجرة أميرة أحمد تجد أن ظاهرة تلقي الرشى من قبل موظفي تقديم خدمات اللجوء أمر خطير يتنافى مع مبادئ منظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي يفترض أن لديها نظاما محاسبيا يقوم على تدقيق شامل وفي حال التأكد من وقوع تلك المخالفات تجري تحقيقا داخليا وتحاسب المخالفين لوقف الأمر تماما وهو ما لم يقع وكثيرا ما تمنت الثلاثينية السودانية إيناس محمد ألا تكون مجبرة على خوض غماره لكنها في النهاية تواصلت مع وسيط صومالي الجنسية ينسق مع موظف سوداني في مكتب رئيس الوزراء OPM لتسهيل حصولها على بطاقة اللجوء ودفعت مضطرة 152 ألف شلن 40 دولارا وبالفعل حصلت عليها في 27 أكتوبر تشرين الأول 2023 وقالت لـالعربي الجديد إنه لا بد من اتخاذ إجراءات رادعة ورقابة تمنع الموظفين الذين يعرقلون إجراءات التسجيل في حال عدم دفع المال