باحث إيطالي يرصد تداعيات العدوان على غزة ولبنان على اقتصادات المنطقة

١٨ مشاهدة
تعرضت الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط بالكامل على مدار العام الماضي لهزات عنيفة عقب هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي ومن ثم انطلقت عملية إعادة تعريف للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية ولم تتضح بعد الإحداثيات التي سوف تستقر عليها وقد رصد الباحث الإيطالي ألدو ليغا تداعيات العدوان الإسرائيلي ضد غزة ولبنان على الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط فماذا في أبرز نتائج بحثه أما على المستوى الاقتصادي فقد بدت الصورة تدريجيا كما ذكر الباحث الإيطالي ألدو ليغا أقل إثارة للقلق مما كان متوقعا في البداية على الرغم من التأثير القوي للغاية للعدوان الإسرائيلي في اقتصادات البلدان المعنية فإن الاقتصاد العالمي وعلى وجه الخصوص سوق الطاقة لم يتأثر بشكل خاص بالصراع الدائر واستدرك ليغا في تحليل نشره معهد دراسات السياسة الدولية بميلانو ISPI تحت عنوان الشرق الأوسط انهيار اليقينيات بقوله إن هذه الفرضية قد تتغير بسرعة في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل في الأول من الشهر الجاري كيف ستكون ردة فعل المنطقة على حرب شاملة محتملة بين إسرائيل وإيران وكيف ستكون ردة فعل أسواق الطاقة على العدوان الإسرائيلي المرتقب على البنى التحتية النفطية الإيرانية أو على هجوم طهران على حقول الغاز الطبيعي الإسرائيلية وأخيرا كيف تؤثر هذه الأزمة الأخيرة في ديناميات التعاون الاقتصادي الإقليمي المعدة قبل بدء الصراع تأثير العدوان على غزة ولبنان في أسواق النفط والغاز وأوضح أن أسعار النفط والغاز الطبيعي لم تسجل على وجه العموم زيادة خلال السنة الأولى من الحرب تلك الزيادة التي كانت تدور حولها المخاوف في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر والعدوان الإسرائيلي المستمر الذي أعقبه باستثناء المراحل الأكثر حدة من الصراع كما حدث بالتزامن مع الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة في الليلة الواقعة بين 13 و14 إبريل نيسان وأضاف أن أسعار النفط ظلت حتى بعد مصرع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبدء العملية البرية في لبنان في نهاية سبتمبر أيلول عند متوسط 70 دولارا للبرميل والحقيقة أن نية السعودية التي أعادت الصحف صياغتها لزيادة حصتها الإنتاجية كان يبدو أنها نبوءة بمزيد من استقرار الأسعار في الربع الأخير من العام وتابع الباحث الإيطالي أن هذه الصورة المتفائلة تغيرت جزئيا في أعقاب الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل حيث ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 8 في أسبوع لتتجاوز 78 دولارا للبرميل وهي أعلى زيادة أسبوعية منذ يناير كانون الثاني 2023 وأوضح أن التأثير المحتمل في أسواق الطاقة الإقليمية والعالمية سوف تتحدد معالمه من خلال مدى الانتقام الإسرائيلي وأهداف الهجوم وتساءل هل ستستهدف محطة جزيرة خرج في الخليج التي يمر عبرها 90 من صادرات النفط الخام الإيراني أم قدرات تكرير النفط في البلاد وهي من أكبر القدرات في المنطقة هل ستقصف البنى التحتية المخصصة لتلبية الطلب الداخلي مثل مصفاة نجم الخليج التي تضمن وحدها 40 من احتياجات البلاد من البنزين هل ستكون ردة فعل طهران هي إغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره 35 من الصادرات العالمية من النفط الخام عن طريق البحر و21 من صادرات الغاز الطبيعي المسال وكيف ستكون ردة فعل الدول الأخرى المصدرة للطاقة في الخليج ونقل ليغا عن محللي مؤسسة كليرفيو إنيرجي بارتنرز الأميركية لأبحاث الطاقة قولهم إنه من المفترض أن يرتفع سعر برميل النفط بنحو سبعة دولارات إذا فرضت عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية وبمقدار 13 دولارا إذا استهدف العدوان الإسرائيلي البنى التحتية للطاقة الإيرانية وبما يصل إلى 28 دولارا إذا تعطل تدفق الإمدادات عبر مضيق هرمز مضيفا أن إغلاق هذا الأخير سوف يؤدي وفقا لتحليل آخر إلى ارتفاع الأسعار إلى نحو 150 دولارا للبرميل وفي ما يتعلق بسوق الغاز فإنه يتعرض أيضا وفقا للباحث الإيطالي لتقلبات هذه الأيام حيث توقف الإنتاج من حقل الغاز الرئيسي في إسرائيل ليفياثان لفترة وجيزة خلال الهجوم الإيراني بينما هددت طهران بضرب حقول النفط الإسرائيلية إذا هاجمت تل أبيب إيران وأشار إلى أن إسرائيل تنتج حوالي 22 مليار متر مكعب من الغاز سنويا كما يبلغ نصيبها حوالي 3 9 من الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي المسال وعلاوة على الاقتصاد الإسرائيلي فإن الهجوم الإيراني المحتمل سيكون له أيضا عواقب كارثية على اقتصاد عملاء تل أبيب الرئيسيين الأردن ومصر ولفت إلى أن الوضع في مصر على وجه الخصوص حرج نظرا لأزمة الطاقة الخطيرة التي تمر بها البلاد التي تشهد انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي وتراجعا مستمرا في الإنتاج الوطني في سياق من الاستهلاك المتنامي في حين أن الاعتماد على الغاز الإسرائيلي من المتوقع أن يزداد بنسبة 20 في أكتوبر تداعيات العدوان الإسرائيلي على اقتصادات المنطقة ورأى أن احتمالية وقع تصعيد أكثر خطورة بين إسرائيل وإيران من شأنه أن يزيد بشكل كبير من الكلفة الاقتصادية التي دفعتها دول المنطقة في العام الماضي وإذا كان الأداء الاقتصادي الحالي قد استوعب جزئيا تأثير الحرب في المستوى العالمي فإن التصعيد المحتمل على المستوى الإقليمي بين تل أبيب وطهران قد يفاقم بشكل أكبر إطارا بات بالفعل على المحك خاصة في البلدان الأكثر تورطا بشكل مباشر في الصراع مثل إيران وإسرائيل وفلسطين ولبنان والأردن ومصر مضيفا أنه إذا كان الاقتصاد الإيراني قد أصابه الوهن بفعل عقد من العقوبات وسياسات اقتصادية غير مستدامة ومعدل نمو منخفض جدا ومعدل تضخم مرتفع للغاية 37 5 فإن اقتصاد إسرائيل يواجه الحرب الأطول والأغلى كلفة منذ تأسيسها ولفت إلى أن حجم الكارثة الاقتصادية الهائل الذي يسببه العدوان الإسرائيلي تمدد ليضرب في المقام الثاني فلسطين التي فقدت في الربع الأول من عام 2024 حوالي 35 من ناتجها المحلي الإجمالي وتشير التقديرات إلى أن معدل الفقر قد وصل بالفعل إلى 61 كان 38 قبل الحرب وتعرضت بنى تحتية ومرافق إنتاج ومحطات طاقة ومدارس ووحدات سكنية لدمار شامل أدى إلى شل النشاط الاقتصادي وتسبب في انهيار معدلات الاستهلاك وفي جنوب لبنان تفاقم العمليات العسكرية الإسرائيلية الأزمة في بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية ومالية عميقة منذ أكثر من خمس سنوات ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد في العام الحالي بنسبة 5 أما جنوب البلاد حيث تجري حاليا العمليات البرية الإسرائيلية فهو منطقة زراعية حيوية بالنسبة للاقتصاد اللبناني 80 من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة يأتي من القطاع الزراعي ويقترن شلل الاقتصاد الإقليمي بنزوح قرابة المليون شخص وانهيار قطاع السياحة الذي كان يساهم بنسبة 25 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 والحقيقة أن قرار 100 ألف مواطن لبناني الفرار من البلاد واللجوء إلى سوريا المجاورة التي يهيمن عليها صراع مستمر منذ أكثر من 13 عاما هذا القرار يمثل نموذجا لمأساوية الأزمة الراهنة وفقا لليغا وتابع أنه بالنسبة للأردن فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو فيها في عام 2024 بنسبة 2 4 متأثرا بشكل رئيسي بتضرر أنشطة الاستيراد والتصدير من ميناء العقبة الذي ضربته أزمة البحر الأحمر وتراجع التدفقات السياحية المحلية والدولية بنسبة 7 2 وكان التراجع الأكبر في المواقع السياحية مثل البتراء حيث ظل حوالي نصف فنادقها مغلقا الصيف الماضي وصحراء وادي رم التي شهدت انخفاضا في أعداد الزوار بنسبة 70 وأشار إلى أن مصر التي تعاني من تدهور حركة المرور في قناة السويس بنسبة 50 بسبب هجمات الحوثيين على حركة المرور في البحر الأحمر هي من أكثر الدول التي تئن تحت وطأة عدم الاستقرار الإقليمي وقد انهار دخل القناة بنسبة 23 4 فبعد 9 4 مليارات دولار حققتها في العام المالي 2022 2023 تراجع الرقم إلى 7 2 مليارات دولار في العام المالي 2023 2024 مستدركا بقوله إنه على الرغم من ذلك تمكنت القاهرة خلال الأشهر الأخيرة من جذب استثمارات دولية ضخمة قادمة بشكل رئيسي من الإمارات والسعودية وفي هذا السياق فإن تصعيدا إقليميا محتملا قد يلقي بظلاله أيضا على دول الخليج العربي وربما يؤدي إلى خفض هذه الاستثمارات بشكل ملحوظ أي مستقبل للتعاون الاقتصادي في المنطقة ولفت إلى أن الشرق الأوسط قبل السابع من أكتوبر كان قد استفاد من عملية التقارب الدبلوماسي بين العديد من الجهات الفاعلة في المنطقة مع التئام العديد من الجروح والكسور التي تراكمت على مر السنين مثل تلك التي تستغرق دول مجلس التعاون الخليجي والخصومة بين السعودية وإيران والتوترات بين تركيا ومصر ليس هذا فحسب بل في العلاقات مع إسرائيل التي شهدت إطلاق عملية تطبيع شملت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب وأوضح أن هدف إقامة تعاون اقتصادي أكبر كسلاح ضد التقلبات الجيوسياسية التاريخية في المنطقة كان من بين الدوافع الرئيسية لهذه الموجة من التقارب وعلى الرغم من أن هذه العملية لم تترجم بعد إلى مزيد من التكامل الاقتصادي الإقليمي فإن المسار الذي كانت ملامحه قد تحددت يشهد الآن توقفا مؤقتا وقال إن ثمة أسئلة تطرح نفسها في هذا المقام هل سيؤدي التصعيد المحتمل بين إسرائيل وإيران إلى الابتعاد أكثر عن هذا الهدف أو هل من شأن النظام الجديد الذي تحاول إسرائيل فرضه على الجانب المقابل فتح آفاق تنموية جديدة وختم الباحث الإيطالي بقوله بينما يترقب العالم بقلق الانتقام الإسرائيلي والرد الإيراني المحتمل هناك المزيد والمزيد من الأمور المجهولة والتداعيات طويلة المدى التي سوف تتراكم على المستقبل الاقتصادي للمنطقة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح