إعادة الكرامة المهدورة لأمتنا تحرر وصمود يسرى عبد الله
57 مشاهدة
في عالم تسوده صراعات متشابكة بين الطغيان ومقاومة الشعوب تظهر قضايا فلسطين وسوريا والسودان وربما تليها اليمن كنماذج حية على صمود الإنسان في وجه الاستبداد رغم اختلاف التفاصيل والظروف فإن الأحداث المشتركة في هذه المناطق تقدم دروسا عميقة حول إمكانية الشعوب في استعادة حقوقها والوقوف بوجه قوى الاحتلال والظلم أمتنا العربية والإسلامية تواجه اليوم تحديات جسيمة تستدعي منها وقفة جادة لإعادة تقييم مسارها واسترجاع كرامتها التي أهدرت عبر العقود إن استعادة الحقوق والحفاظ على المصالح يتطلبان جهودا متواصلة على مختلف الأصعدة ولا سيما التحرر من قبضة القوى النافذة التي سلبت البلاد وأذلت العباد فالطريق إلى النهضة والاستقلال شاق وطويل ولكنه أيضا حتمي إذ لا توجد بدائل مجدية سوى خوض هذا المسار بكل وعي وإصرار في الآونة الأخيرة شهدنا انتصار الثورة السورية ضد نظام الأسد وتحرير الجيش السوداني لأكبر المدن المحيطة بالخرطوم كذلك المقاومة في غزة التي راهنت على بقائها وانتصرت بذلك في حين أن الاحتلال بنى استراتيجيته على فنائها كل تلك الأحداث الكبيرة ألقت بظلال عميقة على وعي الجيل الصاعد و كشفت أفقا جديدا مما جعل تحرير الأرض الفلسطينية وهزيمة إسرائيل أهدافا قابلة للتحقيق ومقارعة الدكتاتوريات المستبدة ستكون لها ثمارها ولو بعد حين هذه القناعة الجديدة ليست مستندة إلى أحلام بعيدة المنال بل إلى شواهد حية على صمود المقاومة وقدرتها على تكبيد الاحتلال خسائر يومية رغم ضعف الإمكانيات مقارنة بترسانة العدو وثبات المعارضة السورية 13 عاما أمام نظام الأسد وحلفائه وكذلك الفعل مع الشعب الحر أمام الكهنوت المستبد تحول في العقلية العربية والإسرائيلي لقد جعل طوفان الأقصى الجيل العربي الجديد أكثر وعيا بضرورة الاعتماد على الذات وفهم طبيعة الصراع هذا التحول الفكري يقابله انهيار نفسي لدى الاحتلال الإسرائيلي الطوفان أظهر هشاشة أجهزتهم الأمنية والعسكرية وزرع الشك في استمرارية المشروع الصهيوني في الداخل الإسرائيلي أدى تهجير المستوطنين من غلاف غزة واستمرار حالة عدم الأمن والاستقرار إلى تعزيز الشعور بالقلق والاكتئاب والخوف من المستقبل هذه التداعيات النفسية تمثل بداية العد التنازلي لتفكك دولة الاحتلال وهو مسار قد يستغرق عقدا أو أكثر ولكنه حتمي طوفان الأقصى أبرز عقم سياسات الأنظمة العربية في إدارة الصراع مع إسرائيل جهود جامعة الدول العربية باءت بالفشل وجيوشنا التي خاضت حروبا ضد المحتل لم تستطع تحرير شبر واحد من الأراضي الفلسطينية على النقيض صمود المقاومة في غزة أمام آلة الحرب الإسرائيلية ونجاحها في تحقيق خسائر فادحة للعدو رسخ في الأذهان أن معادلات المواجهة تغيرت انكشاف الاحتلال أمام الغرب على الصعيد الدولي أسفرت جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في غزة عن تغير في الرأي العام العالمي خاصة في الدول الغربية لأول مرة يدرك الشباب في أميركا وأوروبا أن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية كما تدعي بل كيان قام على طرد شعب من أرضه بدأ الدعم الأميركي اللا مشروط لإسرائيل يفقد أساسه الأخلاقي والحكومات الغربية تواجه ضغوطا متزايدة من شعوبها لإعادة النظر في علاقاتها مع هذا الكيان وحتى داخل المجتمع الأميركي بدأ الحديث عن تأثير اللوبي الصهيوني على السياسات الوطنية اللامبالاة العربية والتحديات الثقافية رغم الجرائم المستمرة يبقى تفاعل الحكومات العربية أقل من المطلوب في المقابل يظهر التعاطف الشعبي العربي ولكنه غالبا ما يظل محدود الفائدة لغياب الضغط المنظم والمؤثر على صناع القرار حيث يعاني العالم العربي من قصور ثقافي في شرح القضية الفلسطينية للأجيال الجديدة والمناهج الدراسية لا تبرز الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون كما أن ثقافة الحشد والمناصرة تكاد تكون معدومة تحرير فلسطين ليس مستحيلا طوفان الأقصى والحرب على غزة أثبتا أن المقاومة ليست عبثا بل هي مشروع حقيقي لتحرير الأرض واستعادة الكرامة لقد قلبت هذه الأحداث مفاهيم الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي حيث أصبح من الممكن الحديث عن هزيمته بل وتفكيك بنيته القائمة على الظلم والاستيطان هذه الروح المقاومة التي ظهرت في غزة لم تكن وليدة اللحظة بل نتاجا لسنوات من الإيمان بعدالة القضية والعمل المستمر رغم الحصار والتحديات لقد أثبت الفلسطينيون أن تحرير الأرض يبدأ من إيمان الإنسان بقدرته على صنع التغيير حتى في أصعب الظروف الثورة السورية صراع من أجل الحرية على الجانب الآخر نجد الثورة السورية التي بدأت بحلم بسيط في الحرية والكرامة لكنها واجهت نظاما مستبدا استخدم كل أدوات القمع لإخماد أصوات الشعب ورغم وحشية النظام ودعم القوى الخارجية له تواصل المعارضة السورية تحقيق تقدم مهم يعكس صمود الشعب السوري وإصراره على استعادة دولته من قبضة الطغيان إن الأحداث في سوريا تحمل رسالة واضحة مهما اشتدت القبضة الأمنية ومهما تعاظمت التحديات فإن إرادة الشعوب لا تكسر الثورة السورية رغم كل ما مرت به تثبت أن الكرامة والحرية هما قيمتان تستحقان النضال مهما طال الزمن من الصمود إلى النصر ما يحدث اليوم ليس نهاية المطاف طوفان الأقصى وانتصار المعارضة بعد 13 عاما من القمع أرخا لبداية حقبة جديدة في الصراع مع الظلم والاستبداد هذه المرحلة تحمل في طياتها فرصا لإعادة الكرامة لأمتنا الطريق طويل لكن الأمل قائم في أن التضحيات ستثمر يوما ما حرية وعدالة حقيقية للشعوب المقهورة