إسرائيل وإيران والمحيط العربي المستباح

٣٧٩ مشاهدة
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا من مقابلة تلفزيونية لأحد الدبلوماسيين السعوديين يتحدث فيه عن مشكلة حصلت معه في أحد مطارات إيران على الأغلب قصد مطار العاصمة طهران تحدث الدبلوماسي عن تعرضه للإهانة من أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني إذ ذكر الدبلوماسي أن الضابط صفعه مرات عدة على وجهه وقد أثار الكلام حمية المذيعة التي سألته مشددة هذه الصفعة للمملكة كلها وقد أكد الدبلوماسي ذلك إلى هنا ينتهي الجوهري في الخبر بغض النظر عن تصرف الدبلوماسي المعني أو الخارجية السعودية يعيد المشهد للأذهان منظر اشتعال النيران في خزانات النفط في شركة أرامكو السعودية في 14 سبتمبر أيلول 2019 وقد كانت أصابع الاتهام موجهة بشكل مباشر لإيران في إطلاق المسيرات والصواريخ من أراضيها أو عبر المليشيات التابعة لها في اليمن والعراق طبعا لم ترد السعودية عسكريا على الهجوم رغم التضامن العربي والدولي الكبير آنذاك قد يكون السبب المباشر في ذلك وجود الإدارة الأميركية الديمقراطية التي كان رئيسها قد تصرف بعدائية كبيرة تجاه السعودية وتجاه ولي عهدها منذ حملته الانتخابية وخلال الفترة الأولى من ولاية إدارته من باب آخر قد يكون هذا التخلي الأميركي هو ما دفع الرياض إلى قبول الوساطة الصينية لوقف التصعيد المتبادل وإعادة العلاقات بين البلدين المقطوعة منذ أعوام عدة تجلى هذا في الختام باتفاقية رعتها بكين وأعادت الدولتان بموجبها تبادل السفراء وما يستتبع ذلك من علاقات سياسية وإعلامية وغيرها في الأحوال كلها ليست السعودية وحدها في مرمى الاستهداف بل كان المحيط العربي كله منذ عدة عقود على هذا الحال المتردي من عمليات اغتيال قادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس إلى اجتياح لبنان وحصار بيروت وصولا إلى القصف الإسرائيلي الراهن والمستمر للأراضي السورية جديده أخيرا مساء الأحد الماضي ثم ليس ببعيد ما حل بالعراق على يد إيران ومليشياتها بعد الاجتياح الأميركي والتحكم الجلي بقرار دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت الحقيقة أن الحرب الإسرائيلية في غزة وخرق إسرائيل بنود اتفاقية كامب ديفيد 1978 واحتلالها محور صلاح الدين فيلادلفي وضربها بالقوانين والمعاهدات الدولية كلها عرض الحائط ليس إلا نتيجة لحال الهوان والذل الذي تعيشه بلداننا العربية كما أن انعدام القدرة على الرد العربي على تدخلات إيران يمثل بشكل أو بآخر غياب الفاعلية العربية والتنسيق في المواقف والدفاع المشترك بل هو أكثر من ذلك غياب تام لمفهوم الأمن القومي العربي عامة وعلى صعيد كل دولة عربية على حدة انعدام القدرة على الرد العربي على تدخلات إيران يمثل بشكل أو بآخر غياب الفاعلية العربية والتنسيق في المواقف لو عدنا إلى المشكلات التي تواجهها الدول العربية لوجدنا أنها تنبع في الأصل من غياب مفهوم دولة المواطنة فالدولة التي لا تقيم وزنا لسكانها والتي تعتبرهم رعايا ما عليهم سوى الامتثال لما يراه النظام الحاكم الذي لا يفرق غالبا بين الدولة وحكامها هو السبب الرئيس في غياب مشروع وطني على مستوى كل دولة ومشروع عربي على مستوى الأقطار العربية عموما فاتفاق أنظمة الحكم على تهميش الناس أي أصحاب الأرض الحقيقيين وأصحاب الوطن والدولة والسيادة يعني أنه بإمكانها التصرف بما يضمن استمرارها في السلطة يستتبع هذا التصرف بانفراد من بقية الأنظمة الأخرى وجدنا هذا بينا واضحا في أزمة حصار قطر فبدل أن تشعر دول الخليج العربي بوجود سند حقيقي وظهر لها في دول الجوار الخليجي ذاته كانت ترى التهديد المباشر منهم ما الذي دفع قطر غير ذلك لانتهاج سياسة أكثر قربا من تركيا وما الذي جعل عمان على الدوام ذات موقف مختلف عن بقية دول الخليج من إيران عندما يغيب أصحاب الحق وعندما يكونون عاجزين عن الدفاع عنه نكون أمام ضياع لهذا الحق المواطن العربي مقهور نفسيا مقموع سياسيا مطحون اقتصاديا متغرب في وطنه ثقافيا فكيف يمكن لفاقد الكينونة الذاتية أن يكون صاحب سيادة على صعيد وطني لقد كانت ثورات الربيع العربي فرصة ماسية لاستعادة الحقوق المهدورة لكن مجمل الظروف الدولية والإقليمية والداخلية منعتها من العيش لقد شكل الربيع العربي خطرا محدقا بالأنظمة العربية التي هي جزء من النظام العالمي فكان لا بد من وأده في المهد كيف يمكن للمواطن العربي فاقد الكينونة الذاتية أن يكون صاحب سيادة على صعيد وطني والآن وبعد عدة أعوام من محاولة الناس العاديين تغيير مقاليد الحكم وبعد فشل المعارضة السياسية في قيادة هذه المحاولة وتأطيرها ودعمها لتحقيق الانتقال السياسي التاريخي نجد أنفسنا في دوامة الفشل المستدام هكذا ينتج عن الثورات الفاشلة استبداد أشد فتكا مما كان وهكذا تتحطم بيد الاستبداد الجديد التراكمات التي حققتها النضالات البسيطة على مدار عقود مع الاستبداد العائد يسحق مبدأ الفصل بين السلطات ويتراجع عن التقاليد السابقة كلها التي تأتي بالممارسة البيروقراطية والتي هي من خصائص الدولة جهازا حياديا بين الحكام والمحكومين مع الاستبداد تصبح الدولة جهاز قمع هائل يدوس كل من يقف في وجهه وهذا هو السبب الرئيس في غياب الدولة ذاتها فهذه التي تصبح مهمتها قمع مواطنيها لا يعود لها في مواجهة الأعداء الخارجيين أي سند هكذا كانت الدول تنهار من الداخل مع الاستبداد وهكذا ستبقى معه عروشا وهمية من قش عفن قد يكون من حسن حظنا أو من سوء طالعنا لا فرق بين الأمرين أن المشاريع المتصارعة إقليميا في أرضنا لا يمكن أن تصل إلى تفاهمات بينية تؤدي بها إلى تقاسم النفوذ بسهولة قد تكون في هذا الصراع فرصة لنا لالتقاط أنفاسنا واستجماع عزيمتنا لكن هذا يضيف إلى مشاكلنا مشاكل أخرى فنحن الآن في مواجهة أعداء كثر الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي وثبت بالتجربة أنهما مستعدان للتحالف ضدنا إن لزم الأمر يطرح هذا علينا مجددا سؤال الساعة الراهنة ما العمل للخلاص الإجابة ليست بتلك السهولة لكنها تبدأ من تبني خطاب سياسي وطني عقلاني جامع للمعارضات السياسية العربية كلها يجمع من خلاله شتات الهويات المتناثرة وتعاد الثقة بقدرة الناس على النضال في سبيل العيش الكريم

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح