متابعات..| تقرير

في اعتراف غير مسبوق يعكس عمق الأزمة داخل الكيان الإسرائيلي، أقرّ رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية وأحد أقرب المقربين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأن (إسرائيل) مجتمع خائف محكوم بالرقابة والتكميم.

وقال ديرمر، الذي يُعد من أبرز العقول الاستراتيجية في معسكر نتنياهو، إن (إسرائيل) “تتدهور”، في ظل تراجع غير مسبوق لحرية الرأي والتعبير، وتنامي حملات القمع ضد المنتقدين والمعارضين للسياسات الحكومية، لا سِـيَّـما في سياق الحرب على غزة والاحتجاجات الداخلية.

وفي تحليل نشرته ، كتب الصحفي أمير تيبون أن ما يحدث داخل (إسرائيل) لم يعد مُجَـرّد “تراجع في الديمقراطية”، بل تحوّل هيكلي نحو مجتمعٍ قائم على الخوف والولاء الإجباري، حَيثُ يُحاسب المستوطن على رأيه، ويُخوَّن الإعلام المستقل، وتُجرَّم المعارضة السياسية.

مجتمع طارئ يفقد توازنه

يرى مراقبون أن هذه التصريحات، الصادرة من داخل المؤسّسة الحاكمة نفسها، تكشفُ الوجهَ الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي: كيانٌ نشأ على الخوف، ويعيش على تغذيته.

فمنذ قيامِه على أنقاض القرى الفلسطينية المدمّـرة، ظلّ الاحتلالُ يستمدُّ تماسكه من الخطر الوجودي الدائم الذي يبرّر به عسكرة الحياة، ومصادرة الحقوق، وتقديس القوة على حساب الحرية.

لكن هذا الخوف الذي استُخدم لعقود كأدَاة للسيطرة، انقلب اليوم إلى داخل المجتمع الاحتلالي نفسه.

الخطر في الإسرائيلي لا “الآخر الفلسطيني:

الصحفي الذي ينتقد الحرب، الأكاديمي الذي يطالب بالمحاسبة، أَو الجندي الذي يتحدث عن الجرائم في غزة.

هكذا، وبحسب وصف تيبون، تحولت (إسرائيل) إلى مجتمعٍ يراقبُ نفسَه ويخافُ من ظله، حَيثُ الولاء للنظام أصبح معيار المواطَنة، وحيث الأمن القومي يلتهم القيمَ الديمقراطية التي طالما برّر الاحتلال بها وجوده أمام العالم.

نتنياهو.. من صانع الصورة إلى مهندس الانهيار

المفارقة أن هذا الانهيار يحدث في عهد الرجل الذي صوّر كَيان الاحتلال طيلة سنوات كـ”منارة للحرية” و”واحة الديمقراطية” في الشرق الأوسط.

لكن نتنياهو، في سعيه للبقاء في الحُكم، أحاط نفسَه بتحالفات دينية وقومية متطرفة، جعلت من النظام السياسي الإسرائيلي الاحتلالي نموذجًا مصغرًا للاستبداد المغلّف بشعارات الأمن.

تحالفاتُ اليمين الديني مع المؤسّسة العسكرية، وسيطرة المستوطنين على القرار