بعد فوزه على ألمانيا البارحة في ربع نهائي بطولة كأس أمم أوروبا أكد منتخب إسبانيا أنه مدرسة حقيقة تتخرج منها الأجيال الكروية المهارية المتعاقبة بعدما أطاح كرواتيا وإيطاليا في الدور الأول وأخرج منتخب البلد المنظم على ميدانه وأمام جماهيره بشكل مميز في انتظار مواجهة فرنسا في نصف النهائي بجيل جديد متميز ومدرب لا يقل تميزا عن لاعبيه يتوفر على خيارات وبدائل كثيرة تريد تكرار ما فعلته إسبانيا في يورو 2008 و2012 وكأس العالم 2010 بمنظومة لعب ممتعة تتوارثها الأجيال تستند إلى الاسترجاع السريع للكرة والاستحواذ وسرعة التحول الهجومي بالاستناد إلى مهارات جناحين صغيرين في السن لكن كبيرين في المهارة والفعالية إسبانيا فازت في ألمانيا بخمس مباريات متتالية من دون اللجوء إلى ركلات الترجيح وبلغت نصف النهائي للمرة السادسة في تاريخ البطولة وللمرة الثانية على التوالي والمرة الرابعة في آخر خمس دورات من بطولة أمم أوروبا منذ عام 2008 وفازت البارحة على ألمانيا بشكل مثير رغم خروج بيدري متأثرا بالإصابة بعد عشر دقائق من انطلاقة المباراة وخروج المدافع لو نورمان واستبداله بناتشو بعد نهاية الشوط الأول ورغم استبدال خط الهجوم كله وتعويض موراتا لامين يامال ونيكو ويليامز أثناء المباراة في مواجهة أقوى منتخبات البطولة والمرشحة الأولى للتتويج باللقب سر تألق إسبانيا بل أسرارها تكمن في الثقافة الكروية التي ينشأ عليها اللاعب الإسباني في خدمة اللعب الجماعي والثقة التي تمنح لأطفال صغار يقودهم لاعب ارتكاز استثنائي اسمه رودري الذي ظهر بمستوى خيالي منذ بداية البطولة كمنظر ومنظم ومشرف على الجيل الجديد مثلما يفعل مع السيتي منذ سنوات لينصب نفسه قائدا من دون إشارة قائد يسترجع ويستحوذ ويمرر ويساند المدافعين والمهاجمين فنيا ومعنويا ويبعث فيهم روحا بعقليته الانتصارية ولياقته العالية وقراءته الجيدة لمجريات المباريات التي خاضها إن كتب لإسبانيا أن تفوز بهذا اليورو وهي في طريقها لتحقيق ذلك بعدما واجهت كرواتيا وإيطاليا ثم ألمانيا وبعدها فرنسا في نصف النهائي ثم نهائي محتمل أمام إنكلترا أو هولندا ستكون له دلالة أن هذه البطولة بداية عهد سطوة جديدة للجيل الجديد كما حدث منذ 2008 إلى 2012 انتهت بنهاية جيل وتبدأ اليوم بجيل آخر يلعب كرة هجومية ممتعة تجعل من إسبانيا مدرسة كروية تتجدد وتتمدد تستند إلى قاعدة الكرة الشاملة المبنية على منظومة تكتيكية تسمح للمهارات بالإبداع والاستمرار في ذلك أثناء المباريات بفضل كرسي احتياط ثري تمكن من الإطاحة بألمانيا رغم خروج بيدري يامال ويليامز وموراتا وتعويضهم بأولمو و ميرينو وأوياراسابال تتويج إسبانيا بيورو 2024 سيكون منطقيا ومستحقا ليس فقط بعد إخراج ألمانيا في معقلها لكن بفضل استقرار واستمرار المردود الفردي والجماعي المتميز الذي يستند على منظومة ملائمة قوامها مهارات فردية تلعب لصالح المجموعة بفكر هجومي سريع سيصعب على فرنسا مجاراتها بكل ما تملكه من مقومات هي أيضا