يقدم الفنان التشكيلي السوداني إبراهيم الصلحي 1930 مختارات من أعماله التي أنتجها خلال العقد الماضي في معرض حراز الذي افتتح الجمعة الماضي في غاليري فيغو بلندن ويتواصل حتى التاسع والعشرين من أيلول سبتمبر المقبل لطالما افتتن الفنان بشجرة الحراز السنط أو الأكاسيا البيضاء التي عنون بها معرضه الحالي لما تحمله من دلالات متعددة كونها واحدة من الأنواع القليلة من الشجر القادرة على تحمل أقسى مواسم الجفاف في السودان وأفريقيا عموما كما أنها تثبت التربة وموادها الغذائية في مواجهة التصحر بعد روحاني تشكل الشجرة لديه معادلا موضوعيا للإنسان السوداني الذي يقاوم الشدائد وكذلك تبدو في تكوينها وشكلها أقرب إلى الجسد وترمز أيضا إلى تلك الصلة التي تربط الأرض بالسماء والخالق بالمخلوق في استحضار بعد روحاني يركز عليه إبراهيم الصلحي في العديد من أعماله ويصف تجربته هذه بالقول أنا مهووس جدا بعملي أنا رسام وليس لدي أي مهنة أخرى أذهب إلى النوم وأنا أحلم بالصور والأشكال والألوان وأستيقظ لأترجم رؤيتي وأحلامي إلى أعمال فنية يتغير أسلوبي ولكنني أستمر في العمل على موضوع معين مستوحى من شجرة السنط التي تسمى محليا الحراز والتي تنمو على ضفاف النيل وخلال موسم الأمطار تكون الشجرة بلا أوراق وتزدهر بأوراق خضراء طازجة عندما يصبح الطقس جافا ويتدفق النهر في أدنى مستوياته نحو البحر وعلى الرغم من كل ذلك تظل الشجرة ثابتة تراقب بصمت مرور الفصول والوقت ويراها بذلك متفردة عن جميع ما يحيط بها في بيئتها القاسية مستندا إلى الأساطير الأفريقية القديمة التي تشير إلى أن هذه الشجرة حاربت المطر فاختارها الفنان رمزا للإنسان الذي يمتاز بالصلابة وقوة الشكيمة والإصرار على الحياة وعفة النفس رغم قسوة الظروف وجفاف الطبيعة تخفيف الآلام يتضمن المعرض لوحات من سلسلة رسومات تخفيف الآلام التي بدأ الصلحي برسمها بعد إصابته بمرض باركنسون الذي تسبب له بأوجاع الظهر التي قيدت حركته فازداد تناوله للأدوية التي وفرت له عبواتها وسيطا جديدا للرسم وقد عرض تلك اللوحات خلال السنوات الخمس الماضية ولمقاومة الألم أو تناسيه نفذ الصلحي العشرات من الرسومات بالحبر على سطح علب الأدوية التي يتناولها والمغلفات بعد استهلاك محتوياتها وهي جزء من مشروع يشتمل على لوحات كبيرة الحجم بارتفاع يقترب من المترين تنقل بتقنية الطباعة على الشاشة الحريرية فتتراكم الأجزاء الصغيرة لتشكل مشهدية كاملة لكن جذور التجربة تعود إلى فترة أقدم حين كان الفنان سجينا في سجن كوبر بالخرطوم بحري خلال سبعينيات القرن الماضي بتهمة محاولة الانقلاب على نظام الحكم فاستخدم أغلفة أكياس الإسمنت وغيرها من المواد التي حولها إلى سطوح ملائمة للرسم بالأحبار الملونة أو بالأسود والأبيض مع تسجيله ملاحظات حولها وقد أصدرها في كتاب دفتر السجن عام 2018 يذكر أن إبراهيم الصلحي فنان وكاتب ومعد برامج ولد في أم درمان درس في معهد الخرطوم الفني ثم انتقل إلى بريطانيا حيث تخرج من مدرسة سليد للفنون بكلية لندن الجامعية عام 1957 وتابع دراسته في التصوير الفوتوغرافي في جامعة كولومبيا الأميركية أقام معارض عدة في فرنسا والنروج وألمانيا وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها