اغتالت قوات الدعم السريع الأربعاء الماضي الصحافي السوداني مكاوي محمد أحمد وذلك في المجزرة المروعة التي ارتكبتها وأودت بحياة العشرات في قرية ود النورة في ولاية الجزيرة وسط السودان بحسب ما كشفت مصادر لـالعربي الجديد وروت المصادر أن قوات الدعم السريع حشدت عشرات المركبات القتالية وحاصرت القرية الواقعة في محلية القرشي على الحدود مع ولاية النيل الأبيض ساعات عدة منذ الصباح ثم أطلقت النار بكثافة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة قبل اقتحام القرية ما أدى إلى مقتل العديد من أهالي القرية بينهم صحافي وشقيقه وأشارت تقارير محلية إلى أن عدد القتلى وصل إلى 80 شخصا فيما قال حزب الأمة القومي إن ما يزيد على مائة قتيل سقطوا جراء الهجوم ولم يتسن حصر الجرحى وجاء اغتيال أحمد بعد أقل من 24 ساعة على اغتيال زميله معاوية عبد الرازق في ضاحية الدروشاب شمالي الخرطوم على يد قوات الدعم السريع أيضا ودانت نقابة الصحافيين السودانيين مواصلة قوات الدعم السريع هجومها على القرى الآمنة ودعت أطراف الحرب والمؤسسات الإقليمية والدولية إلى المسارعة إلى وضع حد للمأساة في السودان وعلى هذا المنوال تلاحق المآسي الصحافيين السودانيين منذ اندلاع الصراع في البلاد في 15 إبريل نيسان 2023 بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان والقوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي هدى حامد إبراهيم كانت تعمل صحافية وموظفة في جامعة الخرطوم لكنها خسرت الوظيفتين مباشرة بعد بدء الصراع وقضت شهورا بلا ماء ولا كهرباء ولا شبكة اتصالات داخل منزلها في ضاحية الحاج يوسف شرقي العاصمة عندئذ كتبت على حسابها في فيسبوك تطلب المساعدة حتى تخرج من الخرطوم ومعها ابنتها الوحيدة أصدقائي الفزعة هدى حامد صحافية اضطرتها الظروف والأمل والتفاؤل للبقاء في الخرطوم المنكوبة بالحرب وديمومتها لأكثر من عام وذلك بسبب الظروف المادية وتفاؤلا بوقف هذه الحرب أرجو دعمي للخروج حيث أجد مصدر دخل يقيني الحاجة بحثا عن مستقبل ابنتي الوحيدة حيث أقيم هنا من دون مال أو عمل أو خدمة مياه وكهرباء اضطررت لمناشدتكم بعد الله تعالى لمساعدتي ودعمي وقبل أن يستجيب لها أحد جاء خبر وفاتها بلدغة ثعبان قبل وفاتها كتبت منشورا تضامنت فيه مع زميلها صديق دلاي المعتقل لدى الاستخبارات العسكرية في مدينة الدمازين جنوب شرقي البلاد وذلك على خلفية مقال نشره عبر فيسبوك ووزعه على مجموعات واتساب يتهم فيه الاستخبارات العسكرية بالتورط في مقتل محام في مدينة العزازي في ولاية الجزيرة زميلتها منال بسطاوي قتلت وابنتها قبلها بنحو أسبوعين بحادث لحافلة ركاب في مدينة أم درمان وما واجهه دلاي لاقاه زميله مستشار تحرير صحيفة الأهرام اليوم طارق عبد الله فقد اختطفته قوات الدعم السريع من دون إعلان أسباب ذلك ودون إعلان مكان وجوده وكان عبد الله قد رفض الخروج من الخرطوم من بين نحو مائة صحافي اختاروا البقاء في منازلهم إما لمواصلة عملهم وما أقلهم أو نتيجة للظروف المالية التي تحرمهم دفع تكاليف رحلة نحو مدينة آمنة 400 انتهاك بحق الصحافيين السودانيين أشارت نقابة الصحافيين السودانيين في آخر بياناتها إلى أن حملة الأقلام لم يكونوا بدعا من أولئك الذين لاقوا رهقا من الحرب الطاحنة وويلاتها إذ واجهوا أوضاعا وظروفا تكاد تكون الأسوأ على الإطلاق طوال مسيرة الصحافة في السودان الممتدة لما يزيد على القرن ولفتت إلى أن الصحافيين السودانيين يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات التي وثقت 400 منها من بينها ستة حوادث قتل خلال العام الأول من الحرب وأفادت النقابة بأن العنف الموجه ضد المدنيين عموما والصحافيين خصوصا أدى إلى تقلص أعداد الموجودين منهم في المدن والولايات التي شهدت مواجهات إذ اضطروا إلى النزوح أو اللجوء وتكشف سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين إيمان فضل السيد لـالعربي الجديد مزيدا من الأرقام الصادمة المتعلقة بما يواجهه ممارسو هذه المهنة بينت السيد أن معظم الصحافيين هجروا المهنة وأن المؤسسات الصحافية لم تسدد رواتب موظفيها منذ بدء القتال وأن 26 صحيفة ورقية توقفت تماما عن العمل ومعها عشر محطات إذاعية على المستوى المركزي وسبع محطات إذاعية على المستوى الولائي عادت منها اثنتان للعمل لكن بشكل متذبذب أما القنوات والإذاعات التي لم تتوقف عن العمل فتعكس جهة نظر واحدة وتثير خطابات الحرب والتحريض عليها تضيف السيد أن مائة منزل من منازل الصحافيين السودانيين تعرضت للقصف المدفعي والنهب والسرقة وتعرضت أسرهم للاعتداء أو القتل أو الموت بظروف مختلفة كذلك اعتقل 39 صحافيا منهم خمس صحافيات فيما أصيب 108 صحافيين في أثناء القتال وبعضهم بحوادث إطلاق نار مباشرة بالإضافة إلى تعرض صحافية واحدة لتحرش جنسي داخل منزلها من قبل أفراد في قوات الدعم السريع في أم درمان كذلك تعرض 37 صحافيا بينهم تسع صحافيات للتهديد الشخصي عبر مكالمات هاتفية مجهولة أو عبر رسائل نصية أو رسائل عبر واتساب ووجهت تهديدات أخرى للمؤسسات الإعلامية أو للمجموعات الصحافية لعملها في النقابة كذلك صدرت قرارات بملاحقة قانونية لصحافيين ودعوة المواطنين للقبض عليهم إضافة إلى حملات إعلامية استهدفت نقيب الصحافيين عبد المنعم أبو إدريس وآخرين وتفيد سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين بأن 28 مؤسسة إعلامية تعرضت للاعتداء وحولت في أثناء الحرب إلى ثكنات عسكرية مع العبث بأجهزتها أو نهبها وبيعها في الأسواق وتعهدت بمضاعفة النقابة لجهدها في رصد الانتهاكات والتصدي لها وفي مساعدة الصحافيين في إيجاد فرص عمل حتى يواصلوا عملهم في عكس الحقائق للرأي العام حرب منزوعة الذاكرة يصف رئيس جمعية الصحافة الإلكترونية في السودان عبد الباقي جبارة ما يتعرض له الصحافيون والصحافيات بـشديد الخطورة موضحا أن العشرات من الصحافيين السودانيين يتعرضون لانتهاكات يومية ويضيف عبد الباقي جبارة لـالعربي الجديد أن الحديث عن الحريات أصبح في السودان نوعا من الرفاهية لأن التعدي على الحريات الشخصية وانتهاك الخصوصية من قبل جميع القوات المتحاربة صار أمرا معتادا من دون أن ننسى التطرق إلى فقدان الصحافيين جميع ممتلكاتهم واحتلال منازلهم ويشير إلى أن ما رصد من انتهاكات بحق الصحافيين السودانيين وسائر المدنيين ليس إلا قمة جبل الجليد وما خفي أعظم بكثير واصفا الحرب في بلاده بأنها حرب منزوعة الذاكرة بسبب حرمان الإعلام لعب دوره الأساسي ويذكر أن الصحافيين السودانيين لا يجدون أصواتا عالمية مساندة لهم مشيرا إلى أن نقابة الصحافيين نفسها تتعرض للتضييق ولا تحصل على اعتراف من الحكومة تجديد العهد مع أساليب الرقابة وفي سياق متصل أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود تصنيفها لحرية الصحافة لعام 2024 في مايو أيار الماضي واحتلت السودان المرتبة الـ149 من أصل 180 بلدا ولفتت المنظمة إلى أنه عقب الانقلاب العسكري ليوم 25 أكتوبر تشرين الأول 2021 جددت البلاد العهد مع أساليب الرقابة وأشكال التحكم في المعلومات كما تفاقم مناخ انعدام الأمن بالنسبة للصحافيين فمنذ اندلاع الصراع في 15 إبريل نيسان 2023 بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان والقوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول حميدتي تزايدت بشكل حاد التهديدات والاعتداءات والانتهاكات ضد الصحافيين ما دفع الكثير منهم للجوء إلى الدول المجاورة وأكدت أنه في السنوات الأخيرة تزايدت وتيرة التهديدات التي تطاول الصحافيين مع ظهور مليشيات وحركات مسلحة جديدة إذ يتعرضون خلال التظاهرات للاعتداء والإهانة من قبل الجيش النظامي أو قوات الدعم السريع بشكل منهجي بل ويصل الأمر إلى حد الاعتقال والتعذيب في بعض الحالات أما الفاعلون الإعلاميون الذين ينتقدون السلطات أو ينشرون وثائق من شأنها أن تضع الحكومة في مواقف حرجة فإنهم يخضعون للتجسس والتنصت والصحافيات يستهدفن بشكل خاص بأساليب الترهيب والتهديد والأعمال الانتقامية علما أن جرائم المعادين لحرية الصحافة تمر في إفلات تام من العقاب وذلك تحت حماية السلطات