أوروبا تستعد لترامب الرسوم الجمركية تهدد القارة بركود كامل
٣٠ مشاهدة
تستعد أوروبا لعصر جديد من العلاقة التجارية والمالية مع الولايات المتحدة مع تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم إذ من المتوقع أن تؤدي سياسات ترامب بشأن التجارة والتكنولوجيا وأوكرانيا وتغير المناخ إلى تجميد الاستثمار وعرقلة النمو في أوروبا التي تعاني بالأساس من صعوبات اقتصادية كبيرة ومن شأن خوض الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري وأقرب حليف للاتحاد الأوروبي وبريطانيا حرب رسوم جمركية ضد أوروبا أن يضرب الصناعات الكبرى مثل السيارات والأدوية والآلات في منطقة اليورو تحديدا ويقوض اقتصادها وماليتها بشكل كبير بينما هي بحاجة ماسة إلى تعزيز النمو وتعظيم مواردها المالية في وقت تسعى إلى زيادة الإنفاق العسكري في ظل المخاوف من روسيا والشكوك بشأن ضمانات أميركا خلال ولاية ترامب الثانية كما تجد أوروبا نفسها في حيرة بالغة إذ إن ترامب الأكثر تشددا تجاه الصين قد يضغط على أوروبا لاختيار جانب أو مواجهة الانتقام وقال كارستن برزيسكي كبير خبراء الاقتصاد في بنك آي إن جي ING الهولندي لصحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء لقد تحقق أسوأ كابوس اقتصادي في أوروبا محذرا من أن التطورات قد تدفع منطقة اليورو إلى ركود كامل العام المقبل 2025 أوروبا حائرة بين نبذ الصين أو الانتقام الأميركي ويشعر القادة بالحيرة بين استرضاء الصين أو مواجهتها فقد صوتت الحكومة الألمانية في أكتوبر تشرين الأول الماضي ضد خطة الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية تصل إلى 45 على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين وامتنعت دول أخرى مثل إسبانيا عن التصويت بينما وافقت الأغلبية وردا على ذلك فرضت الصين رسوما جمركية جديدة على البراندي الأوروبي مشروب كحولي والذي يأتي معظمه من فرنسا والرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من شأنها أن تزيد من قتامة آفاق صناعة السيارات إذ إن الولايات المتحدة أكبر سوق للسيارات المصدرة من ألمانيا حيث تمثل ما يقرب من 13 من 3 1 ملايين سيارة باعتها ألمانيا في الخارج في عام 2023 وقد يكون حديث ترامب خلال الحملة الانتخابية عن جعل الاتحاد الأوروبي يدفع ثمنا باهظا لعدم شراء ما يكفي من الواردات الأميركية وفرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10 أو 20 نقطة انطلاق للضغط على أوروبا ودفعها لمفاوضات تقدم من خلالها تنازلات تجارية كبيرة لواشنطن وستطاول الرسوم الجمركية الأميركية قطاعات أخرى وستؤثر على اقتصادات أوروبية غير ألمانيا مثل قطاعات الأغذية والنبيذ والجبن واللؤلؤ والمواد الكيميائية والمفاعلات النووية والأواني الزجاجية والأحذية والمزيد في أكثر من عشرين دولة وحذرت لويزا سانتوس نائبة مدير BusinessEurope وهي مجموعة ضغط تمثل آلاف الشركات من أن التعريفات الجمركية سترفع التكاليف وتعوق الاستثمار وقالت عن التعريفات الجمركية ما زلنا نأمل أنه بسبب أهمية العلاقة الاقتصادية سيتم إعادة النظر فيها ولن نسمح بها وبلغ الاستثمار المباشر من الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة 2 4 تريليون دولار في عام 2022 مما أدى بدوره إلى خلق أكثر من 3 4 ملايين وظيفة أميركية وفقا للاتحاد الأوروبي وحاليا يبلغ متوسط التعريفة الجمركية الأميركية على الواردات الأوروبية ما بين 3 إلى 4 أوروبا خائفة من إغراق الصين أسواقها بالسلع وفي الوقت نفسه من المرجح أن تشجع الرسوم الجمركية الأميركية الأعلى على الصين وهو أحد وعود ترامب التجارية الأخرى الشركات المصنعة الصينية على توسيع مبيعاتها خارج الولايات المتحدة مما يزيد من المنافسة مع المنتجين الأوروبيين المنافسين وقد تتطلع الشركات الأوروبية إلى إنشاء أو توسيع الإنتاج في الولايات المتحدة ومع ذلك فإن أي شركة مصنعة تستخدم مواد مستوردة من الصين ستجد التكاليف ترتفع بغض النظر عن مكان منشآتها وقالت شركة فيستاس Vistas وهي شركة دنماركية وصانعة توربينات الرياح الرائدة في العالم إنها تزيد بالفعل من إنتاجها في مصنعيها الأميركيين في ولاية كولورادو حيث جاء أكثر من 40 من طلباتها في الأميركيتين في الأشهر الثلاثة التي انتهت في سبتمبر أيلول الماضي وقال هنريك أندرسن الرئيس التنفيذي للشركة في مكالمة مع محللي الصناعة الأسبوع الماضي وفق نيويورك تايمز لقد أصبح العالم مختلفا من حيث التعريفات الجمركية وأضاف أن فيستاس اضطرت بالفعل إلى التعامل مع التعريفات الجمركية التي فرضت خلال إدارة ترامب الأولى من 2017 إلى 2021 وإدارة جو بايدن التي تقترب ولايتها من الانتهاء لهذا السبب تحاول استبعاد المزيد والمزيد من المكونات من أصل صيني عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة وتأتي هذه التشابكات المعقدة في وقت تشهد أوروبا اضطرابات سياسية لا سيما في ألمانيا وفرنسا أكبر اقتصادين في القارة ولا يمكن أن تأتي التوترات المحتملة مع الولايات المتحدة في وقت أسوأ من هذا وفي اليوم الذي جرى فيه إعلان فوز ترامب الكاسح في الانتخابات الرئاسية قام المستشار الألماني أولاف شولتز بإقالة وزير المالية كريستيان ليندنر زعيم الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي ليعلن باقي الوزراء الليبراليين انسحابهم من الحكومة لتجد ألمانيا نفسها أمام أزمه سياسية ضخمة بالنسبة لألمانيا التي تواجه بالفعل عاما ثانيا من الركود فإن التحديات الاقتصادية التي تفرضها إدارة ترامب حادة بشكل خاص فقد تعثر اقتصاد ما توصف بقاطرة الاقتصاد الأوروبي بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 وتوقف تدفق الغاز الروسي الرخيص وهو عنصر أساسي في نجاح البلد الصناعي بامتياز وأعلنت شركة فولكسفاغن أكبر شركة لصناعة السيارات في القارة وأكبر جهة توظيف في ألمانيا مؤخرا أنها قد تغلق مصانعها وتسرح العمال وقد أثرت المنافسة من السيارات الكهربائية الصينية بالفعل على مبيعات القطاع في الخارج وفي أوروبا مخاوف من حرب تجارية تؤثر على الاقتصاد العالمي وقال ماريو دراجي رئيس الوزراء الإيطالي السابق الذي أكمل مؤخرا تقريرا عن القدرة التنافسية الأوروبية إن هناك حاجة أكبر إلى زيادة الاستثمار العام السنوي بمقدار 900 مليار دولار لتمكين أوروبا من عكس اقتصادها الراكد والتنافس بشكل أفضل مع الولايات المتحدة والصين وأضاف أن الأهم الآن هو مضاعفة الجهود لربط اقتصادات الكتلة بسوق رأسمال واحدة وإصدار ديون مشتركة بدوره قال محافظ بنك فنلندا أولي رين للمستثمرين في مؤتمر في لندن الثلاثاء الماضي إن أوروبا يجب أن تكون في وضع أفضل للاستجابة مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى مضيفا أن الحواجز الأعلى أمام التجارة من شأنها أن يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي ويجب على أوروبا أن تكون مستعدة للتوترات المتزايدة وتابع رين وهو عضو في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أن الهبوط الناعم لاقتصاد منطقة اليورو لا يزال سيناريو محتملا لكن التوقعات غائمة بسبب عدم اليقين الجيوسياسي المتزايد وهناك عنصر جديد في هذا عدم اليقين وهو السياسة التجارية لدونالد ترامب في ولايته الثانية رئيسا للولايات المتحدة فقد أعرب ترامب عن رغبته في رفع التعريفات الجمركية على الواردات من مجموعة واسعة من البلدان وقال ما نعرفه هو أن الرسوم الجمركية الكبيرة على الواردات يمكن أن يكون لها عواقب سلبية على الاقتصاد العالمي وأشار إلى أن التساؤلات حول مستقبل إحدى العلاقات التجارية الرئيسية في أوروبا تضاف إلى الشكوك الأخرى التي تواجه صناع السياسات بما في ذلك حرب روسيا على أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط وطموحات الصين العسكرية والتكنولوجية وأضاف أن حربا تجارية جديدة هي آخر ما نحتاجه وسط التنافسات الجيوسياسية اليوم بخاصة بين الحلفاء وإذا اندلعت حرب تجارية فلا ينبغي لأوروبا أن تكون غير مستعدة الغاز المسال على طاولة المفاوضات وبينما قد تلعب أوروبا بورقة زيادة معدلات استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة في مساومة لإثناء ترامب عن فرض رسوم جمركية باهظة على مختلف السلع الأوروبية يشير محللون إلى أن هذا الأمر يحمل مخاطر أكبر للأوربيين نظرا للتبعية الكبيرة للإمدادات الأميركية وقال مسؤولون أوروبيون إن زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال الأميركي قد تلعب دورا في فطام القارة عن اعتمادها المستمر على الواردات الروسية في حين تساعد أيضا في تهدئة مخاوف ترامب بشأن العجز التجاري وبالنسبة لشركات الطاقة الأميركية فإن توسع السوق الأوروبية إلى جانب وعد ترامب بإلغاء وقف تراخيص التصدير التي أصدرها بايدن قد يفتح الباب أمام النمو السريع لهذه الشركات على مدى السنوات الأربع المقبلة وقال مايكل سابيل الرئيس التنفيذي لشركة فينتشر غلوبال وهي شركة رائدة في تطوير الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة نتطلع إلى العمل مع إدارة ترامب القادمة لتعزيز دور أميركا باعتبارها المورد الرائد في العالم للغاز الطبيعي المسال النظيف وأضاف سابيل وفق صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في السنوات الأخيرة تحركت أوروبا بسرعة لتدشين البنية الأساسية اللازمة لدعم زيادة تدفقات الغاز الطبيعي المسال إلى المنطقة ومع الدعم السياسي اللازم واليقين التنظيمي فإن الولايات المتحدة في وضع جيد لتلبية هذا الطلب طويل الأجل ويتوقع المسؤولون في قطاع الطاقة بالولايات المتحدة أن جهود الاتحاد الأوروبي لفطام نفسه عن الغاز الروسي سوف تكون قوية تحت إدارة ترامب الثانية وارتفعت أسعار أسهم شركات الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة على مدار الأسبوع الماضي وذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين قبل أيام أنه يمكن أن يكون الغاز الطبيعي المسال الأميركي المستفيد الرئيسي من محادثات التجارة بين واشنطن وبروكسل وقالت بعد مكالمة مع ترامب ما زلنا نحصل على الكثير من الغاز الطبيعي المسال من روسيا ولماذا لا نستبدله بالغاز الطبيعي المسال الأميركي وهو أرخص بالنسبة لنا ويخفض أسعار الطاقة لدينا هذا شيء يمكننا مناقشته أيضا حينما يتعلق الأمر بالعجز التجاري ومع مواجهة الاتحاد الأوروبي لانخفاض إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا بعد غزوها أوكرانيا في فبراير شباط 2022 كثفت الكتلة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من جميع أنحاء العالم لتعويض النقص وكانت الولايات المتحدة المورد الرئيسي وهي تمثل الآن حوالي 40 من واردات الاتحاد الأوروبي من الوقود فائق التبريد وفقا لبيانات شركة كيبلر المتخصصة في تتبع شحنات الطاقة وفي أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا أعلن بايدن وفون ديرلاين عن اتفاق استراتيجي تهدف بموجبه الشركات الأوروبية إلى ضمان الطلب على الغاز الطبيعي المسال الأميركي في محاولة لدفع بناء قدرة تصديرية أكبر لكن المحللين يشيرون إلى أن بروكسل لديها سلطات محدودة في الالتزام بواردات الغاز الطبيعي المسال الأميركي وقالت ناتاشا فيلدينغ رئيسة تسعير الغاز الأوروبي في وكالة أرغوس المتخصصة في شؤون الطاقة ما لم يحظر الاتحاد الأوروبي واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بالكامل وهو الأمر الذي يتعين على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الموافقة عليه فمن الصعب أن نرى كيف يمكن للذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أن يكون لها قدر كبير من النفوذ على الأماكن التي تشتري منها أوروبا الغاز الطبيعي المسال لكن فكرة الرضوخ للضغوط قد لا تحظى بقبول البعض في دول الاتحاد ما يزيد من هوة الخلافات بين الدول الأعضاء وقبل أيام قالت جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا خلال اجتماع للاتحاد الأوروبي لا تسألوا ماذا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل لكم بل اسألوا ماذا ينبغي لأوروبا أن تفعل لنفسها يتعين على أوروبا أن تجد التوازن نحن نعلم ما يتعين علينا القيام به لكن هل الاتحاد الأوروبي قادر على تحويل هذه المشاعر إلى حقيقة يظل هذا السؤال بلا إجابة نظرا للتشرذم السياسي المتزايد داخل أوروبا وصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة