عزف على أوتار مدينة توثيق ذاكرة الحرب اللبنانية

16 مشاهدة

تتخطى الهواجس الإنسانية التي تولد في قلب الحرب كونها مجرد ذكريات؛ فهي موادُّ أوليةٌ تتحوّل إلى لغةٍ، ومن ثم إلى نصوصٍ تشهد على الزمن وأثره على المدينة والإنسان. هذا بالضبط ما تقدمه الكاتبة اللبنانية الإيطالية هدى سويد في كتابها الجديد عزف على أوتار مدينة (دار بيسان للنشر والتوزيع، 2025). الكتاب الثالث في مسيرة سويد بعد نتاجيها التوثيقيين إيطاليا الخفيّة وأنا أبقى في البيت، لا ينتمي إلى السرد التقليدي للحرب ولا إلى التوثيق الصحافي المباشر، وإنما يخلق فضاء أدبياً جدلياً تتداخل فيه السيرة الذاتية مع الواقع الجماعي، ليصبح المكان شخصاً والمدينة وتراً مشدوداً على وقع الألم والفقد والصمود.

الكتاب، الذي يقع في 252 صفحة من الحجم الوسط، يجمع 29 نصًّا موزعة على فصلين؛ وجدانيات (16 نصاًّ) وسرديات (13 نصاًّ). جميع هذه النصوص نُشرت جزئياً في أثناء الحرب في الصفحات الثقافية لصحف ومجلات، وأعادت سويد انتقاءها وصياغتها بعناية، محافظة على روحها الأصلية، قبل تحويلها إلى لوحة أدبية تعكس تداعيات الحرب على المدينة والإنسان على حد سواء.

تقدم المؤلفة رؤية فريدة للحرب من منظور شخصي وجماعي في الوقت ذاته. النصوص تتنقل بين الواقعي واليومي وبين الرمزي والتأملي، حاملةً صور القصف والتهجير والخوف، أسماء الأمكنة التي تغيّرت أو اختفت وأصوات البشر الذين رحلوا أو غابوا عن الحياة.

رؤية فريدة للحرب من منظور شخصي وجماعي في الوقت ذاته

في مقدمة العمل، تكشف سويد عن الصعوبات النفسية والتقنية التي واجهتها في أثناء جمع النصوص، وتصف شعورها عند العودة إلى تلك الفترة: لم أتمكن من المباشرة في مشروعي إلا بعد أن ذبت في تلك المرحلة، وعُدت إلى شراراتها الأولى، أشبه بشريط تسجيلي لمشاهد فيلم، وضعت ذاتي في لياليه ونهاراته.. كانت ليالي بيروت بكل عتمتها ودويّ مدافعها مدادًا للكتابة على ضوء شمعة.

عناوين النصوص مثل أضغاث وقت وحين يصغر المكان، وطريق الصحراء، ولكَ المدينة وعزف رحيل على أوتار مدينة، تشكل فسيفساء حية للمدينة، تعبّر عن الصراع بين ما هو ملموسٌ وما هو متوارٍ في الذاكرة وتفتح نافذةً

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح