أنس الشريف وزملاؤه مرايا الدم في غزة
لم تكن المدة الفاصلة بين الحوار الأخير الذي جمع مراسل قناة الجزيرة في غزة محمد قريقع بزميله مراسل قناة الكوفية محمد صبح، والقصف الإسرائيلي، سوى عشر دقائق. تبادلا خلالها أطراف الحديث عن آخر تطورات الاستهداف في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وخطاب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ثم غادر كل منهما إلى خيمته، ولم تكن تفصلهما سوى بوابة مستشفى الشفاء وبضعة أمتار. بعد بث مباشر على القناة، ناقلًا آخر التطورات، شعر صبح فجأة بألم في قدمه وسقط أرضاً عند الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة مساء الأحد 10 أغسطس/آب 2025، وسط دخان كثيف حجب الرؤية وصراخ متعال في الخارج. أدرك أن قصفاً قريباً قد وقع. حاول النهوض مراراً، لكنه كان يسقط في كل مرة.
يقول محمد صبح لـالعربي الجديد: كانت ليلة صعبة وعصيبة. عندما دخلت المستشفى، رأيت أنس الشريف ومحمد قريقع ممددين على الأرض مع بقية الزملاء. كان الوجع في القلب أكبر من إصابة قدمي. كنت أنظر إلى جثامينهم أثناء علاجي، وأتساءل: لماذا يُحرقون؟ هؤلاء الزملاء يستحقون التكريم لا الحرق. تذكرت اللحظات التي جمعتني بمحمد قريقع، وجلوسنا في المقهى وحديثه الدائم عن أطفاله وأحلامه.
ذلك المساء، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستة صحافيين، هم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، لينضموا إلى 232 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي استشهدوا منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أنس الشريف صوت غزة الذي لم يصمت
كان صوت مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف يصل إلى كل بيت فلسطيني وعربي، ناقلاً وجع الناس وصمودهم. لم يترك هو ورفاقه الشهداء، محمد قريقع ومؤمن عليوة وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومحمد الخالدي، الميدان الذي استشهدوا فيه. بقع دمائهم المتناثرة على الأرض والجدران، وبقايا طعامهم وفرشهم، ظلت شاهدة على مجزرة دموية، شبيهة بالمجازر التي وثقوها بعدساتهم. في وصيته التي نشرت بعد استشهاده، كتب الشريف: يعلم الله أنني بذلت كل ما
ارسال الخبر الى: