هل أنجز السوريون الاستقلال حقا
احتفل السوريون الأسبوع الماضي (17 إبريل/ نيسان)، بالذكرى 79 لجلاء المستعمر الفرنسي عن بلادهم (1946). بالنسبة لكثيرين منهم، كان الشعور بالاستقلال هذه المرّة مضاعفاً، بعدما انزاح عن صدورهم استعمار آخر لا يقل سوءا، جسّده نظام الأسد بدمويته وإجرامه، واستعانته بالأجنبي على أبناء شعبه، لذلك حُق للسوريين أن يحتفلوا بالاستقلال مرّتين من الآن فصاعدا: يوم 17 إبريل، ويوم الثامن من ديسمبر/ كانون الأول. مع ذلك، ورغم الشعور العارم بالارتياح بين عموم السوريين، من كل الطوائف والإثنيات، بزوال نظام الأسد، وانتهاء حقبة مظلمة في التاريخ السوري المعاصر، يبقى الاستقلال السوري منقوصاً، غير ناجز، تجسّده تحدّيات كبيرة ثلاثة: أولها، وجود أربعة جيوش أجنبية، على الأقل، على الأرض السورية، وما يفرضه ذلك من استمرار انقسام البلاد وعدم قدرة دمشق على بسط سيطرتها على كامل التراب السوري. لن يكون التعامل مع هذا التحدّي سهلاً، إذ تحتفظ قوتان عظميان بوجود عسكري على الأرض السورية (الولايات المتحدة وروسيا)، ولا يبدو واضحاً كيف ستكون العلاقة بينهما، أو بينهما وبين الإدارة الجديدة في دمشق، فسياسة إدارة الرئيس ترامب السورية ما زالت غير واضحة، تتنازعها اعتباراتٌ داخليةٌ وخارجيةٌ متعدّدة، ولا نستطيع، من ثم، تبيّن هدفها النهائي: هل تسعى إلى ضبط التغيير في دمشق، هل تحاول إعادة تشكيل النظام الجديد فيها، هل تنحاز للمقاربة الإسرائيلية الرافضة له بالمطلق؟ ينطبق الشيء نفسه على السياسة الروسية التي يبدو أنها أيضاً في طور المراقبة والانتظار لما تسفر عنه مراجعة واشنطن سياستها السورية، قبل أن تقرّر خطوتها التالية. إقليمياً، يحتدم صراع النفوذ بين تركيا وإسرائيل في الساحة السورية، ما يهدّد بإغراق البلاد في فوضى جديدة، علماً أن إسرائيل احتلت أراضي سورية جديدة بعد سقوط نظام الأسد، وتفرض نوعاً من الوصاية على مناطق أخرى في جنوب البلاد، مانعة سلطات دمشق من الوصول إليها. تركيا أيضاً لديها مصالحها في سورية وهي على الأرجح لن تسحب قواتها من شمال البلاد قبل أن تضمن تلك المصالح، وفي مقدمها حل المسألة الكردية، وترسيم الحدود البحرية، وإعادة توطين اللاجئين.
ثاني التحدّيات
ارسال الخبر الى: