أكثر من 100 يوم في العام هكذا تؤثر العطل الرسمية على العراق
85 مشاهدة
تتجاوز أيام العطل الرسمية في العراق 100 يوم في العام من دون احتساب أيام الجمعة والسبت التي تعد عطلة لمعظم الموظفين في دوائر ومؤسسات الدولة العراقية الأمر الذي يدفع مراقبين إلى انتقاد أيام العطل الكثيرة تلك التي تساهم في خسائر كبيرة وفي تأخير شؤون عديدة في البلاد وترتبط أيام العطل العراقية بمعظمها بوقائع تاريخية ودينية ومذهبية مع العلم أنها لم تكن تتجاوز 16 يوما قبل عام 2003 وأمس الخميس أعلنت الحكومة العراقية عن عطلة رسمية جديدة يوم الأربعاء المقبل بمناسبة مولد النبي محمد وفقا لبيان صادر عن المكتب الحكومي العراقي في بغداد ولم يتمكن مجلس النواب العراقي منذ عام 2015 من تمرير قانون العطل الرسمية المثير للجدال بسبب خلافات عميقة بشأنه أدت إلى ترحيله لأكثر من مرة إلى دورات برلمانية لاحقة أملا بالتوصل إلى تسويات سياسية ويؤكد مسؤولون ونواب سابقون أن عدد أيام العطل التي أعلنت عنها الحكومة في العام 2021 بلغ 105 أيام أما في عام 2022 فقد تجاوزت 110 أيام ما عدا أيام الجمعة والسبت وتخضع أيام العطل تلك بمعظمها لـمزاجية الحكومة العراقية من دون الانتباه إلى مدى مساهمتها في تأخير البلاد لا سيما المعاملات الرسمية الخاصة بالعراقيين في دوائر الدولة والمحاكم والمدارس وغيرها علما أن ذلك لا يستند إلى قانون واضح وخاص فالقانون العراقي منح حكومات المحافظات المحلية الحق في إعلان يوم عطلة لسكان المحافظة دون غيرها بحسب ما تقتضيه الحاجة الأمر الذي صار يتكرر في محافظات عدة ولأسباب مختلفة وفي وقت سابق اقترحت وزارة الثقافة العراقية صيغة جديدة لقانون العطل الرسمية بالتعاون مع الجهات الحكومية لكن ثمة أحزابا السياسية وجدت أن فقرات في المقترح تثير الحساسية حول عطل تتعلق بمناسبات خلافية أو مثيرة للجدال وأشارت في بيان إلى أن العراق بات الدولة الأولى عالميا في عدد العطل الرسمية الأمر الذي يؤثر على الإنجاز والحالة الاقتصادية وتقدم البلاد وأن المقترح يضم 12 عطلة رسمية مهمة فقط يقول مسؤول في وزارة الثقافة فضل عدم الكشف عن هويته لـالعربي الجديد اليوم الجمعة إن الوزارة ما زالت تحتفظ بالمقترح بعدما أهمله أكثر من رئيس حكومة بدءا من حيدر العبادي وصولا إلى رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ويضم المقترح أيام إعلان النصر على تنظيم داعش والعيد الوطني في العراق وإعلان النظام الجمهوري وعيد الجيش وعيد النوروز وعيد العمال العالمي وعيد الفطر وتضاف إليها عطل دينية مهمة مثل الأول والعاشر من شهر محرم والمولد النبوي وأيام عيدي الفطر والأضحى ويوم 25 ديسمبر كانون الأول بمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح يضيف المسؤول نفسه أن ثمة فوضى عارمة في تحديد أيام العطل وقد أعلنت الحكومة أكثر من مناسبة غير مهمة عطلة رسمية الأمر الذي يؤدي في العادة إلى تأخر الدوائر الحكومية في إنجاز مهامها ناهيك بتكدس المعاملات الخاصة بالمواطنين ويشدد على أن تشريع قانون خاص بالعطل أمر مهم جدا وكان من المفترض أن يحمل هذا القانون اسم قانون العطل والرسمية والاستذكارات ويشمل كل الأعياد والمناسبات الشعبية المهمة لكل العراقيين لكن ثمة أطرافا سياسية تمنع تمريره من جهته يقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز لـالعربي الجديد إن قانون العطل وقوانين أخرى تلاحقها خلافات سياسية غير واضحة ومختلفة الأمزجة مع العلم أنها تفيد الدولة العراقية وتساعد في تقدمها لا سيما أنها تتعلق بعمل الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية مشيرا تحديدا إلى المحاكم التي تتكدس فيها عادة مواعيد الدعاوى القضائية والجلسات الخاصة بحضور أطراف القضايا وشهودهم ما يتسبب في إرباك العمل القضائي ويوضح عنوز أن كتل الأحزاب السياسية تمثل مكونات مجلس النواب بالتالي فإن أي قانون يتعارض مع توجهات الأحزاب يتعرض للتعطيل والترحيل وثمة قوانين معطلة وترحل إلى دورات برلمانية لاحقة منذ أكثر من 10 أعوام مشيرا إلى أن الإرادة السياسية لتحقيق تغيير حقيقي نحو الأفضل في البلاد تعد ضئيلة والدليل على ذلك يأس العراقيين الكبير إزاء الوضع السياسي في سياق متصل يرى الناشط السياسي ياسر عبد العزيز لـالعربي الجديد أن العطل الكثيرة تحديدا تلك التي تصدر عن حكومات المحافظات المحلية تؤدي إلى مشكلات إدارية واقتصادية لا سيما أن شريحة غير قليلة من العراقيين تعمل بصيغة الأجور اليومية الأمر الذي يعرضها لخسارات مالية وفي النهاية لفقر حقيقي لا تعرف الحكومة عنه أي شيء وحذر عبد العزيز من أن غياب المحاسبة القانونية للمتسيبين من الموظفين لا سيما أعضاء الأحزاب النافذة بحجج المناسبات الدينية يتسبب كذلك في هذا التعطيل ويأسف عبد العزيز إذ إن ثمة تعمدا سياسيا من قبل بعض الأحزاب للإبقاء على العراق متأخرا من أجل تمرير مصالح سياسية وحزبية على حساب العراقيين وهذا أحد نتاجات الفوضى الكبيرة التي خلفتها الديمقراطية المشوهة التي دخلت العراق بعد عام 2003 وفق قوله أما الباحث الاقتصادي العراقي منير عبد الله فيبين لـالعربي الجديد أن العطل في العراق قد تفوق واقعيا أيام الدوام الرسمي لا سيما مع الإجازات التي يطلبها الموظفون لأغراض علاجية أو للراحة أو للدراسة بالتالي فإن الموظف العراقي هو أقل موظف يعمل في دائرته مقارنة بالدول العربية الأخرى مشددا على أن هذا يؤثر على سير المعاملات وسرعة إنجازها ولعل دوائر المحاكم هي الأكثر تضررا ويتابع عبد الله أن لأيام العطل على الاقتصاد العراقي تأثيرا ضئيلا لأن العراق يعتمد على النفط بصورة شبه كاملة لإدارة الالتزامات المالية وهذا المصدر يجعل العراق من البلدان الكسولة وبالتالي لا تهتم كثيرا بجوانب الارتقاء بالاقتصاد عبر القطاعات الحكومية الأخرى