أقوى من الدول السلطة الجديدة
يندرج كتاب الصحافية الفرنسية كريستين كيرديلان أقوى من الدول: 6 مليارديرات غيّروا وجه العالم، الصادر حديثاً عن دار الساقي بترجمة أنطوان سركيس، ضمن المؤلفات التي تحاول قراءة السلطة الجديدة التي يصنعها اقتصاد المنصّات والتكنولوجيا. ويتناول الكتاب تحوّلات النفوذ في العالم المعاصر، حيث لم تعد السلطة حكراً على الدول والمؤسسات السياسية التقليدية، بل أصبحَ ينازع الدول على سلطاتها، عدد محدود من المليارديرات القادرين على التحكّم في تدفّق المعلومات، وتعريف ما هو ممكن تقنياً وأخلاقياً في حياة البشر اليومية.
تختار كيرديلان ست شخصيات بوصفها نماذج كاشفة لهذا التحوّل وهم: بيل غيتس، وإيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وجيف بيزوس، ولاري بيج، وسيرغي برين. تستعرض آليات صعودهم، وحدود سلطتهم، والتشابك القائم بين مشاريعهم الخاصة والمجال العام، مقدّمة بورتريهات تعريفية لهؤلاء المليارديرات. إذ تمثّل كل شخصية، في هذا السياق، بوابةً لمجال سيادي كان تاريخياً من اختصاص الدول: يُقدَّم غيتس بوصفه مؤثّراً في الصحة العالمية، وماسك باعتباره يمتلك بنية الاتصال الفضائي، فيما يظهر زوكربيرغ بوصفه صاحب منصّات تُغذّي الشعبوية وتُعرّض جيلاً من المراهقين لمخاطر اجتماعية ونفسية.
وبدلاً من أن تجعل هذه الشركات العالم أفضل، أسهمت، وفق الكتاب، في تقويض استقراره وتعريض الديمقراطيات للخطر، عبر تصاعد العنف وحدّة الاستقطاب السياسي. أما بيزوس فيحمل حلماً بأن يعيش البشر في كبسولات ضخمة، بينما يراهن بيج وبرين على إدماج الإنسان بالآلة وصولاً إلى فكرة إنهاء الموت.
لكن في ما يتعلّق بالحاضر، تشير كيرديلان إلى أن سياسات هؤلاء تقوم على تبخيس قيمة الأرواح الحالية، إلى جانب مصادرة بعض الصلاحيات السيادية من الدول، بعدما دخلوا مجالات الفضاء، والصحة، والدفاع، والسياسات الخارجية، والتعليم. وتصنّف التهديدات التي يفرضونها على الدول والأفراد ضمن أربع فئات متداخلة: ضريبية، واقتصادية، وديمقراطية، واجتماعية.
وفي إطار تفكيك التشابك بين مشاريعهم الخاصة والدول، تحلّل كيرديلان البنى السياسية والقانونية التي سمحت بتضخّم نفوذهم، وتعرض معوّقات الحدّ منه. كما تناقش أسئلة تتعلّق بالاحتكار، والخصوصية، والسيادة الرقمية، وحدود الديمقراطية في عصر المنصّات، حيث تتحوّل القرارات التقنية إلى قرارات سياسية بامتياز، ولكن
ارسال الخبر الى: