تسمي عزة طويل كتابها لا شيء أسود بالكامل 2024 الصادر عن دار نوفل في بيروت نوفيلا أي رواية قصيرة هذه التسمية قد تسعف القراءة وقد تمهد للنصوص القصيرة التي تتلاحق في الرواية لكنها مع ذلك تطرح مبكرا وربما قبل القراءة سؤال ماهية النص على الغلاف الأخير تعريف للنص بأنه ليس رواية تقليدية ولن تجازف هذه المؤخرة بتفسير ماذا تعني بالرواية التقليدية ولا ماذا تعني بالخروج عليها ما هو مثال الرواية التقليدية إذا أظن أن التسمية لا تنطبق على الروايات الكبيرة البارزة في تاريخ الرواية ذلك لا يمنع من التساؤل عن طبيعة النمط الروائي الذي في الكتاب بل إننا منذ الفصل الأول وهو لا يزيد عن بضعة أسطر ستسمع طنينا ما طنينا قويا لكنه ضرب طبل ضخم من هنا نفهم أن الرواية هي هذا الطنين هي ضربات ذلك الطبل الضخم لكأننا هكذا نبدأ من رواية منتهية تعود على شكل هذه الضربات قد لا نعرف إذا كانت هذه الضربات متتالية متسلسلة إذا كانت كذلك في الزمان والمكان القراءة الأولى لا توحي بذلك الطنين متقطع هنا وهو لا يتحرك بانتظام ولا يتسلسل بالتالي ولا يلزم مكانا واحدا تتيح للقارئ ما يبدو حرية ما في إعادة وصل الأجزاء المبعثرة نحن عند العائلة نفسها بأجيالها المتتابعة الأجداد والآباء وربما الأحفاد لكننا لا نتبع في استعادتها زمنا أفقيا نحن هكذا نتحرك جيئة وذهابا إلى الأمام وإلى الوراء ومن بيروت إلى حمص من الولادة إلى الوفاة من السلم إلى الحرب الأهلية في لبنان وسورية الراوية قد تكون هي نفسها طوال الوقت ربما لأنها مفترضة ولأن صوتها هو هو منذ البداية ومن أجل السياق الروائي هو صوت واحد وإذا بدا غائبا فعلينا دائما أن نفترضه إلا حين يدخل على النص صوت آخر ذلك ما يمكن أن يؤدي إلى حيرة نستبعدها في افتراض الراوية الأولى واستعارة صوتها الأساس العائلة في افتراض أيضا واحدة ولو تداخل الأصل السوري مع الفرع اللبناني أقول افتراضا لأن الواضح أن سمة الرواية وربما امتيازها أنها تتيح للقارئ ما يبدو حرية ما في إعادة وصل الأجزاء المبعثرة في جمعها وردها إلى صورة كبرى مفترضة تبقى ماثلة من وراء التفاصيل على بعد ما بينها أحيانا وعلى تفرقها وربما تبعثرها القارئ هكذا مؤلف مساعد مؤلف ثان فالرواية لا تمثل إلا كما يجمعها في ذلك وقد يبدو هذا باعثا على شيء من الحيرة إذ لا ينهض القارئ إلى دور كهذا إلا بشيء من الجهد وبنوع من شغل إرادي يعينه على ذلك ما يمكن أن يسميه أسلوبا أسلوبا بالمعنى الأدبي والخيالي في ذات الوقت نحن هنا أمام كفاءة حقيقية تكتب عزة طويل ليس فقط بلغة ذكية بنوع من الأدب الذي يضعنا دائما أمام صور كبرى واستعارات تشي بالمعنى وما خلفه الكتابة هكذا هي ما تقرره وما توحي به وتفترضه من بعيد أي أن الأسلوب هكذا هو طريقنا لتمثل ما خلف النصوص وما يمكن أن يكون الرواية الأم الكامنة من وراء الفصول والصور والأحداث هذه الكتابة هي ما فوق حدثية إذ إن الوقائع هنا ذات شقين سرد للواقع وتعال عنه تسجيل له واستيحاء منه ونظم له أدبيا إلى درجة تحاذي أحيانا الشعر ولا أعني بذلك الإنشاء الشعري وإنما الشعر كروح وكرؤية رواية عزة طويل هي عبارة عن قطع بعدد الفصول 22 فصلا كل فصل من هذه يملك درجة من التكامل والاستقلال بنفسه والاكتفاء بذاته بحيث قد يخطر لنا أن رواية طويل هذه بفصولها تلك تبدو قريبة على نحو ما من أن تكون مجموعة قصص قصيرة كل فصل قائم بنفسه في الوقت الذي هو موصول بغيره من شبهات القصة القصيرة هذه تتكامل الرواية هنا نفكر ثانية بالقارئ كمؤلف ثان مع ذلك نفكر بجوامع النصوص هي أيضا تعمل من ورائها الفصل الثاني يتكلم عن جهيض في المرحاض هذا ما يمكن استعارته كمفتاح للرواية التي هي في آن معا رواية موت وشقاق عائلي في آن معا ليسا فقط مجتمعين وحاضرين لكنهما أيضا متناظران متجاوبان الرواية التي تؤرخ لميلاد الراوية بمجزرة صبرا وشاتيلا تضع المجازر قبالة الحب وقبالة الولادة وقبالة الحنان الأمومي إذا شئنا أن نعيد تأليف الرواية ستكون من هذه العناصر المتناظرة المتكاملة ستكون هناك حياة قاسية كذلك الجهيض في المرحاض حياة من حب ينقلب على نفسه من عائلة تخون ذاتها يمكن أن نتكلم هنا عن مرثية يمكن أن يكون في هذه المرثية شعر الرواية شاعر وروائي من لبنان