أسعد عرابي وحدة الفن والنقد
رحيل الفنان السوري أسعد عرابي في باريس التي انتقل اليها، وأمضى فيها قرابة أربعين عاماً، يردّنا إلى من كان بالدرجة ذاتها، فنّاناً وناقداً. في فنه كما في نقده الذي تناول فيه الفن العربي المعاصر بصورة أوفى، وأكمل من النقد العربي، الذي رأى هو أن معظم أفراده دلالين. عرابي جمع هكذا بين تجربة فريدة في الفن، وأُخرى موازية في النقد. وجوه الحداثة، ومعنى الحداثة، وصدمة الحداثة، عناوين لكتب أسعد عرابي، زاوَج فيها بين الأيقونة والمنمنمة وتاريخ الفن المعاصر وحضوره في النتاج العربي.
ليس صدفة أن يكون لأسعد عرابي موازنة بين فنّه ونقده، بين عمله وثقافته، هو من هذه الناحية، فريد في الفن العربي. هذه الموازنة لم تكن عبثاً، وليس الاقتصار على رؤيته في أحدهما صحيحة. ليس صحيحاً العناية به ناقداً على حساب فنه، إذا كان عرابي بارزاً في نقده، فمن غير الصحيح أن نؤثره على فنّه. الحقيقة غير ذلك، الحقيقة أن نقده يتضافر مع فنّه، بل إن نقده ضامر في لوحته، ويمنحها قوة إضافية.
في لوحته جَمعٌ لمصادر من مدارس الفنّ ومن منابعه وتراثاته
مراجعة هذه اللوحة تجعلنا نرى فيها أيضاً، ما تقوم به من خبرة ومعرفة في الفن. نقدُ أسعد عرابي يردف فنّه، بل إنه، ليس فقط حافزاً له، بمقدار ما هو أيضاً في صلبه وفي تكوينه. في نقده للفنّ العربي تكلّم عرابي عن تأخّره عن الفن الغربي، بحيث أن انطباعيته وتعبيريته وحداثته متأخّرة بعقود كثيرة عن هذه المراحل في الفن الغربي. يصحّ ما يقوله أسعد عرابي، إذ إن الفن العربي المعاصر يمتح من معاصرة متأخّرة، من عالمية مزعومة. هذا ما سعى عرابي إلى تجنّبه في فنّه، الذي لم يكن فيه تابعاً أو ملتحقاً لأسلوب غربي واحد، يتأخّر عنه ويغدو بهذا في غير زمنه.
لوحة عرابي تُزاوج، وأحياناً في اللوحة ذاتها، بين التجريد والتشخيص والتعبير والتسطيح والكاريكاتير والسرد والأيقونة والمنمنمة. أي أنها تجمع في آن واحد، وأحياناً في نفس اللوحة، مراجع على طول الفن الغربي، يرفدها بتمثلات من
ارسال الخبر الى: