أسباب تدهور العلاقة بين المعارضة السورية وتركيا ماذا حدث

٢٦ مشاهدة
كانت حادثة إسقاط المقاتلة الروسية من سلاح الجو التركي في الأجواء السورية نهاية العام 2015 نقطة تحول درامية في مسار الثورة السورية هذه الحادثة لم تؤد فقط إلى تراجع كبير في المكاسب التي حققتها المعارضة السورية المسلحة بل مثلت أيضا بداية لتحجيم سيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من البلاد وذلك نتيجة للتقارب التركي الروسي فقد قدمت أنقرة تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان الكثير من التنازلات في الملف السوري من أجل إصلاح العلاقات مع موسكو بعد تلك الحادثة أخيرا انفجرت الأوضاع بين جمهور الثورة السورية وتركيا مما كشف عن شرخ كبير في العلاقة بين الطرفين جاء هذا التوتر بعد الاعتداءات العنصرية على اللاجئين السوريين أغلبهم من المعارضين في عدة ولايات تركية إضافة إلى تصريحات الرئيس التركي عن رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد وتطبيع العلاقات مع دمشق المعارضة السورية لم تأخذ هذا الشرخ بعين الاعتبار حيث وضعت كل ثقلها في السلة التركية وأصبحت منقادة تماما من استخبارات أنقرة وخارجيتها هذا الموقف الضعيف جعلها هدفا لانتقادات واسعة من جمهور الثورة تماما كما هو الحال مع الحكومة التركية منذ نهاية العام 2015 وحتى تفجر الأحداث الأخيرة في بداية الشهر الحالي تراكمت الأزمات بين جمهور الثورة خصوصا في شمال سورية وتركيا لم تكن أحداث ولاية قيصري والاعتداءات على اللاجئين وتصريحات الرئيس التركي وردود الفعل عليها في الشمال السوري سوى نتيجة لتلك التراكمات وليس السبب الرئيسي لتفجر الوضع أسباب التراكمات في الأعوام الثماني أو التسع الأخيرة كانت هذه التراكمات التي يسجلها جمهور الثورة على حكومة بكونها عبثت في الملف السوري باستخدام تضحياتهم لمصالحها ومصالح الدولة التركية توسع الشرخ بين الحراك وجمهوره وأبرز حلفائه تركيا والتي تمثلت بالأمور التالية أولا مشاركة تركيا في مسار أستانة بدأت روسيا في بداية عام 2017 مسار أستانة وهو مسار تقني ميداني عسكري يهدف إلى إنهاء مسار جنيف التفاوضي الأممي ونجحت تدريجيا في تحقيق ذلك انضمت تركيا إلى هذا المسار وأدى دورها إلى الضغط على المعارضة للجلوس على طاولات الحوار خلال نحو 20 جولة للأسف لم يسفر هذا الحوار إلا عن تراجع سيطرة المعارضة على الأرض نتيجة للتفاهمات التركية الروسية خاصة في ما يتعلق باتفاق مناطق خفض التصعيد الأربع على الرغم من كون تركيا الضامن للمعارضة المسلحة في هذا السياق فقد تخلت روسيا عن الاتفاق وفرضت سيطرتها على المناطق الأولى دمشق ومحيطها والثانية حمص ومحيطها والثالثة درعا والقنيطرة ومحيطهما مما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من المدنيين وتحويلهم إلى نازحين في ظروف مأساوية إضافة إلى مئات القتلى جراء الهجمات الروسية والنظام بما في ذلك استخدام السلاح الكيميائي في دوما بريف دمشق في عام 2018 توسعت المعارك في منطقة خفض التصعيد الرابعة أي إدلب ومحيطها على الرغم من نشر قوات النظام وروسيا لـ12 نقطة مراقبة في المنطقة فقد اجتاحت قوات النظام وروسيا إدلب ابتداء من جنوبها أي ريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي وريفي حلب الجنوبي والغربي مما أسفر عن فقدان المعارضة نحو نصف المنطقة مع مقتل الآلاف من المدنيين وتهجير قرابة مليوني مدني مما خلق أزمة نزوح كبيرة في الشمال الغربي من البلاد وعلى حدود تركيا ثانيا استخدام المعارضة لخدمة الأجندة التركية سعت تركيا لإعادة هيكلة قوات المعارضة المسلحة في مناطق نفوذها مثل ريف حلب الشمالي والشرقي تحت مسمى الجيش الوطني الذي تتحكم فيه القوات والمخابرات التركية بالكامل بدأت تركيا في عام 2016 معركة ضد تنظيم داعش بالتعاون مع قوات المعارضة مما ساهم في استعادة مدينتي جرابلس والباب ومحيطهما وعزز مكانة أنقرة أمام الغرب وعضويتها في حلف شمال الأطلسي الناتو بعد نجاح هذه التجربة أطلقت تركيا عمليات بمشاركة المعارضة ضد المجموعات الكردية مثل قوات سوريا الديمقراطية قسد حيث كانت المعارضة السورية وقود هذه المعارك تحت إشراف تركيا أسفرت هذه العمليات عن نزوح العديد من السكان الأكراد عن مدنهم وقراهم مما أدى إلى اتهام أنقرة بإحداث تغيير ديمغرافي على حدودها وهو ما سبب فجوة بين المكونات العربية والكردية في البلاد حيث يعتبر جمهور الثورة الأكراد من المكونات الرئيسية ثالثا تحويل المقاتلين السوريين إلى مرتزقة دفعت تركيا بمقاتلي بعض فصائل الجيش الوطني إلى القتال مرتزقة إلى جانبها أو في مناطق نفوذها في أرمينيا وليبيا مما أدى إلى مقتل العديد من المقاتلين السوريين على جبهات القتال هناك بعد أن اختاروا هذا الطريق نتيجة للفقر وسوء الأوضاع المعيشية رابعا الهيمنة على القرار العسكري والسياسي للمعارضة السورية أصبح الجيش الوطني السوري أحد الوحدات المقاتلة في الجيش التركي وتحت سيطرة أنقرة التامة هذا التوجه انعكس في عدم تدخل المعارضة لمواجهة الخروقات التي قام بها النظام والروس على مناطق المعارضة وفقا لتعليمات أنقرة كما أن المعارضة السياسية بما في ذلك الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة أصبحت تتحرك وفق الأجندات التركية حيث دفعت أنقرة بترشيح رئيس للحكومة المؤقتة من القومية التركمانية وهو ما واجه انتقادات لكونه تركيا أكثر من كونه سوريا بسبب مواقفه المتكررة لصالح أنقرة على حساب الأجندة السورية خامسا التعامل مع ملف اللاجئين السوريين استخدمت حكومة أردوغان ملف اللاجئين ورقة ابتزاز ضد أوروبا على مستويين الأول استجرار الأموال الأوروبية والدولية للإنفاق على اللاجئين في تركيا والثاني الضغط على أوروبا لدفع اللاجئين إلى عبور الحدود نحو أوروبا لتحقيق مكاسب سياسية أخرى كان لزاما على الحكومة التركية استخدام ورقة اللاجئين في الاستحقاقات الداخلية والخارجية بما في ذلك الادعاء بإنفاق نحو 40 مليار دولار على اللاجئين وهو رقم قدمته الحكومات الغربية خاصة الاتحاد الأوروبي هذا الأمر مهد الطريق لزيادة الكراهية ضد اللاجئين والضغط عليهم مما أدى إلى ترحيلهم قسرا إلى الشمال السوري باستخدام ذرائع عدة على الرغم من أن معظم اللاجئين لا ينتمون إلى مناطق الشمال السوري ويطالبون بحل سياسي شامل يعيدهم إلى مدنهم وقراهم الأصلية سادسا إعادة اللاجئين تدافع أنقرة عن إجراءات إعادة اللاجئين إلى الشمال السوري تحت بند العودة الطوعية حيث ادعت أنها أنشأت مدنا نموذجية لاستيعاب العائدين ومع ذلك أظهرت التقارير وجود فساد ونقص في المواد المستخدمة في بناء تلك التجمعات وتجهيزها فبينما روجت الحكومة التركية لمشاريع البناء حلا للمخيمات أوضح سكان تلك التجمعات أن المساكن تعاني سوء الإنشاء بما في ذلك تسرب مياه الأمطار في الشتاء واختراق الحرارة في الصيف وفقدان المرافق الأساسية مثل شبكات المياه والصرف الصحي والطرقات مما دفع الكثيرين إلى مغادرتها وتؤكد معلومات لـالعربي الجديد أن تلك التجمعات بنيت عبر الشركات التركية وبإشراف المنظمات التركية ولا سيما إدارة الطوارئ والكوارث آفاد ووقف الديانة التركية بأموال المانحين حيث قدمت دولة قطر الأموال بشكل رئيسي وتأتي المساعدات الأوروبية في المرتبة الثانية ورغم أن حكومة أردوغان اعترفت مؤخرا بمصدر تلك الأموال لكنها لا تعترف بسوء تنفيذ تلك التجمعات من طرف منظماتها وشركاتها بل تحتكر التنفيذ عبر تلك المنظمات والشركات من دون السماح بتدخل أي من الشركات أو المنظمات السورية سابعا الملف السوري ورقة للعبث السياسي تستخدم المسألة السورية أداة سياسية لتحقيق المصالح حيث تلعب حكومة أردوغان دورا مهما في علاقاتها بين الغرب والشرق من خلال ملف سورية فقد باتت أنقرة تستخدم هذا الملف ورقة مساومة بين حليفها الروسي والغرب وكذلك في المحيط الإقليمي والعربي ومنذ نحو أربعة أعوام بدأت أنقرة تلوح بإمكانية فتح مسارات التفاوض مع النظام لتطبيع العلاقات وقد بدأت بالفعل محادثات تقنية بوساطة روسية في هذا الشأن ومع ذلك تحرك هذه الأداة من دون مراعاة تدخل أنقرة مع المعارضة وتورطها في الانفصال عن المحيط الإقليمي والعربي ويعتبر جمهور الثورة هذا بمثابة تخل من طرف أنقرة عن الحراك وتلاعب بتضحياتهم لتحقيق مصالح لا علاقة لها بقضيتهم وفي الآونة الأخيرة بات جمهور الحراك والثورة يطالب بإعادة صياغة العلاقة بين المعارضة وتركيا ودعوة أجسام المعارضة الرسميةإلى استقلال قرارها عن القرار التركي وإلا فالتنحي جانبا وترك الأمر لأجسام أخرى ويستمر الدفع الشعبي في هذا الاتجاه وقد تسفر هذه المطالبات عن نتائج في الفترة المقبلة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح