أسئلة الهوية و مكلمة المصريين عن الجلابية
ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات المصرية أخيراً بفيديوهات حول الأعداد الغفيرة من الزائرين المصريين المتحف المصري الكبير، المُفتتَح حديثاً، بعد أكثر من 23 عاماً على البدء فيه. المشهد الذي استوقف مصريين كثيرين هو أحد الزوّار من صعيد مصر يرتدي زيّه التقليدي والطبيعي، الذي يرتديه غالبية سكّان الريف المصري، الذين يشكّلون أكثر من 60% من سكّان مصر. الجدل الذي أُثير بدأته إعلامية مجهولة تعتاش على تراث أبيها الذي هو محلّ جدل أساساً، فقالت إنّ الجلابية لا تعبّر عن الهُويَّة، ولا تمثّل المصريين خير تمثيل. والحقيقة أن هذا ليس جدلاً جديداً أو مستحدَثاً، فهناك نُخبٌ مصرية منعزلة عن واقعها ترى مصر لا عربية ولا إسلامية ولا أفريقية ولا شيء غير مصر الأوروبية المدينية. وهي نخبة شديدة الانعزال تقتطع بعضاً من مقتطفات مفكّرين قالوها في فترات أزمات تعبّر عن شخوصهم عن مصر التي يجب أن تكون دولةً قطريةً ذات قوميةٍ مصريةٍ خالصةٍ، وتتّخذ الطريق الأوروبي مساراً للتقدّم، وهذا طرح موجود منذ طه حسين، وما قبله من جدالات النُّخب المصرية في مطلع القرن العشرين.
الجديد أن بعضهم يرى في مصر دولةً قطريةً (كيمتيةً) فرعونية، وأنه يجب تعزيز هذا المسار والتمايز به عن الحضارة العربية الإسلامية وعن أيّ تيار آخر، والمشكلة أن السلطة الحالية تغذّي هذا الشعور الانعزالي القُطري الضيّق بسياسات مثل الهُويَّة البصرية للمدن التي عادةً ما نجدها تدور حول رسومات فرعونية فقط، في محاولة للعودة إلى تراث بعيد جدّاً انبتت صلة أغلب الأجيال به، والمعضلة أن بعضهم، في إطار دعوتهم إلى إعادة إحياء هذه الهُويَّة الفرعونية، أو حتى الكيمتية، يدعون إلى إعادة تعليم الناس اللغة الهيروغليفية وتعميمها تجربةً، بينما غالبية الأجيال الأصغر تائهةً، ولا تستطيع التحدّث بعربية فصحى أو إنكليزية فصحى، نتيجة الترقيع والشعور بالدونية لدى طبقات تحاول جرّنا قسراً نحو التغريب.
على هامش هذا الجدل، ومن واقع تجربة مع رحلة تفصيل ليست سهلة للجلابية البلدي العيد الماضي، وقبل انفضاض مكلمة مولد سيّدي، ومكلمة الجلابية البلدي، نتمنى من المشاهير من راكبي التريند أن
ارسال الخبر الى: