أزمة الفكر العربي الحديث
٢٧ مشاهدة
ويظل بين الحداثة والتراث نقاش واسع على الأقل من بداية القرن العشرين وإلى اليوم، كون الفكر العربي لم يوفّر أي روابط للتجسير بين الفكرتين؛ بسبب فقدان الحوار البناء، فيما علاقة الثقافة العربية بالمركزيات الكبرى، ومنها المركزية الأوروبية بشكل عام، والمركزية الإسلامية بشكل عام.
وما برحت الثقافة العربية تستجيب للحداثة إما بشكل سلبي أو بشكل انتقائي، ما شكّل ضموراً في الثقافة العربية، وإذا ما نظرنا إلى المركزية الثقافية الأوروبية، فنظرتنا إما نظرة عداء وقطعية أو شبه قطعية وفي أحسن الأحوال انتقائية، فيما يبادر البعض نحو اندماج كامل دون النظر للخصوصيات الثقافية والفرق بين المتحول والثابت؛ ولذلك ظهرت مفاهيم، ونوقشت في الفكر العربي، لزمن طويل، مثل (الأصالة والمعاصرة) و(الذات والآخر) و(بين الماضي والحاضر)، وانقسم الوعي العربي بسبب ذلك إلى قسمين متناحرين، إذ غدت تلك المفاهيم بذاتها مرجعيات ثابتة، كل منها يحتكر الصوابية ويُسفّه الرأي الآخر ويدّعي احتكار الحقيقة.
وإذا كانت منظومة ترى تحقق التحديث المطلوب بالاندماج التام والكلي في ثقافة الآخر، فإنه بالمقابل هناك منظومات ترى أنه لا بد من الاعتصام بالذات، والصدام مع الآخر، والتشبث بالتراث، لأنّ كل مآسي الأمة ناجمة عن إهمال التراث، وفي نظرهم (التراث كل ما خلفه الأجداد)!
من هنا فإن الدعوة للنقد العقلي وتمحيص التراث من جهة، وقدرة الأمة على الاندماج في الحداثة؛ كونها لا تتناقض مع أصول التراث ضرورة للنقاش، وإن كانت الدعوة خجولة أو غير قادرة على الانتشار، بحكم ما لحق بها من اتهامات منذ المفكر محمد عبده، مروراً بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وليس انتهاءً بعدد من المعاصرين؛ ومنهم حسين مروة.
ورغم تجذر فقه المصالح، في الثقافة العربية الإسلامية المستنيرة منذ الغزالي والشافعي، ونجم الدين الطوفي (الحنبلي) الذي أصّل الفكرة
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على