أزمات التمويل والمناخ تضرب الزراعة في تونس
لا يتوقع المزارع عادل البلطي (38 عاماً) أن يصمد طويلاً أمام حجم التحديات التي يواجهها يومياً لمواصلة نشاطه في قطعة الأرض الزراعية التي ورثها عن عائلته في منطقة بوسالم شمال غربي تونس. يمتلك عادل نحو 15 هكتاراً موزعة بين زراعة الحبوب وبعض أصول الزيتون، إلى جانب استغلال مساحات صغيرة لزراعة الخضروات الموسمية. ويقول المزارع الثلاثيني إنه يفكر جدياً في بيع أرضه والبحث عن عمل آخر، نتيجة ضعف مردودية النشاط الفلاحي مقارنة بالجهد الكبير الذي يبذله. وينتقد البلطي، خلال حديثه لـالعربي الجديد، بشدة غياب المرافقة والدعم لصغار الفلاحين، الذين يواجهون تحديات متزامنة، من بينها التغيّرات المناخية، وارتفاع كلفة الإنتاج، وشح التمويلات، مؤكداً أن عشرات المزارعين في منطقته انسحبوا من النشاط الفلاحي، وباعوا مستغلاتهم الزراعية خلال السنوات الماضية.
ويصف البلطي صغار المزارعين في تونس بأنهم حجر الزاوية في المنظومة الفلاحية الوطنية، إذ يساهمون مباشرةً في تأمين جزء مهم من الإنتاج الغذائي، ولا سيّما الحبوب والخضروات والأعلاف والزيتون، إضافة إلى تربية الماشية. ورغم دورهم المحوري في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد المحلي، يواجه هؤلاء أوضاعاً صعبة تهدد استمرارية نشاطهم وتنعكس سلباً على دورة الإنتاج برمتها، وفق قوله.
وتشير أرقام صادرة عن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (منظمة مستقلة) إلى أنّ ما لا يقل عن 160 ألف مزارع انسحبوا من القطاع الفلاحي خلال العقدين الأخيرين، نتيجة الجفاف ونقص مصادر التمويل وارتفاع كلفة الإنتاج مقابل محدودية الأرباح. ويمثل صغار المزارعين في تونس الغالبية الساحقة من الفاعلين في القطاع الفلاحي، إذ يعتمدون على ملكيات صغيرة ومتوسطة، ويعتمد نشاطهم أساساً على العمل العائلي. ويساهم هؤلاء في تزويد الأسواق المحلية بالمنتجات الأساسية، ما يجعلهم صمام أمان للقدرة الشرائية للمواطنين وضامناً للاستقرار الاجتماعي في المناطق الريفية.
معاناة صناع قوت التونسيين
ويقدر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري محمد رجايبية، نسبة صغار الفلاحين في تونس بما بين 80 و85% من مجموع الناشطين في القطاع، موضحاً أن الغالبية تمتلك مستغلات لا تتجاوز 20 هكتاراً في أفضل الحالات، ويصنفون
ارسال الخبر الى: