أرض الصومال ختام منطقي لعام المذلة
واحد: منحَ العربُ كياناً استعمارياً لقيطاً اعترافاً بشرعية وجوده على أرض فلسطين المحتلّة.
اثنان: منحَ هذا الكيان الاستعماري غير الشرعي اعترافاً بشرعية كيانٍ انفصاليٍّ صوماليٍّ على أرض الصومال.
ثلاثة: غضب العرب وهاجوا وماجوا ضدّ اعتراف الكيان الاستعماري بالكيان الانفصالي.
لم يُغضِبْهم اعترافُ الكيان الانفصالي بالاحتلال الصهيوني، لكن ما أغضبهم اعتراف الاحتلال بالانفصال؛ هذا الاحتلال الذي اعترفوا به وتبادلوا معه المصالح السياسية والاقتصادية، وفتحوا له سفاراتٍ في أرضهم، وأبرموا معه صفقاتٍ ضخمة للاتجار في مسروقاته من أرض فلسطين.
هنا ثمّة حالة خللٍ منطقيٍّ وعوارٍ أخلاقيٍّ في اعتبار اعتراف إسرائيل بدولة أرض الصومال تهديداً يمسّ بالأمن القومي العربي؛ ذلك أنه، بالمنطق في هذه الحالة، ثمّة إقرارٌ واعترافٌ بأن إسرائيل باتت جهةً طبيعيةً لمنح الشرعية لكيانات ناشئة على حساب ما استقرّ بحكم التاريخ والجغرافيا. أمّا العوار الأخلاقي فهو مرور مسألة اعتراف انفصاليّي أرض الصومال بالكيان الصهيوني من دون أن تفجّر الغضب ذاته من اعتراف الصهاينة بدولةٍ مقتطّعةٍ من لحم الصومال التاريخية.
في الاجتماع الذي عقده مجلس جامعة الدول العربية أمس، كمية تنديد وشجب وإدانة واستنكار ورفض تكفي لصدّ فيضان النيل، وفوق ذلك اعتبار إسرائيل كياناً غير قانوني، إذ يختم البيان الصادر عن الاجتماع بالقول: إن هذا الاعتراف الإسرائيلي غير القانوني يعتبر جزءاً من محاولات إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال غير القانوني، لزعزعة الأمن والسلم الدوليين، واعتداء على الأمن القومي العربي، يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية ضدّه.
كلام رائع وبيان قوي، لكن السؤال الإشكالي هنا: كم دولة من الدول العربية الموقّعة البيان لديها علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية كاملة مع إسرائيل؟ كم دولة منها تُسبغ، منفردةً، شرعيةً دبلوماسيةً وسياسيةً واقتصاديةً على هذه القوة القائمة بالاحتلال غير القانوني؟ وكم دولة منها أسهمت في فتح أبواب أفريقيا السمراء على مصراعيها أمام التوغّل الصهيوني بالاقتصاد والسلاح حتى باتت تمنح الشرعيات لمن يطلبها؟
من المهم التذكير بأنه حتى نهاية السبعينيّات كانت دول أفريقيا السمراء تدير علاقاتها الدبلوماسية وفقاً لمعادلة: إمّا مصر (ودول عرب أفريقيا) أو الكيان الصهيوني. وبما
ارسال الخبر الى: