بغض النظر عن صحة طرح إرسال قوات عربية إلى غزة فإن تسويق بعضهم له يرسم بوضوح غياب حدود للغطرسة الصهيونية وفي مقدمتها اعتبار بعض النظام الرسمي العربي ملحقا بها وبواشنطن فسجال دخول تلك القوات إلى غزة يقرأ صهيونيا مخرجا لاستكمال ما عجزوا عنه ولفرض ما يشبه انتدابا على الفلسطينيين وكأنهم قاصرون عن تقرير مصيرهم بأيديهم فإحداث حالة انتداب على غزة وبإرادة القوات الصهيونية التي لم تستثن من همجيتها استهداف المستشفيات وحرق معبر رفح وتدميره هو توريط لبعض النظام العربي وإحسان الظن بأنه لن تجري الاستجابة للفخ الصهيوني لا يعني بحال سكوت الفلسطينيين على إمكانية محاولة جيوش عربية ترجمة أحلام تل أبيب تحويل القطاع إلى مربعات محاصرة في داخل حصار أوسع وحتى إن كان هذا الطرح من دوائر تل أبيب وداعميها بقصد جس النبض فإنه يعد واحدا من مخارج الفشل في تحقيق هدفه الأكبر إنهاء فكرة المقاومة وردع الفلسطينيين ولأن التاريخ المتعلق بـدعم قضية فلسطين على بعض المستوى الرسمي العربي لا يقدم سوى نتاج التجربة الماثلة أمام الشوارع العربية منذ 7 أكتوبر فستكون هرولة بعضهم إلى استكمال أهداف تل أبيب كارثية في تعجيل ما لا يروق لأميركا منذ 2011 تدرك بعض النخب الغربية والأميركية نتائج الأخطاء الكارثية التي تصر عليها إدارة جو بايدن وتوابعه الأوروبية في التباكي من جهة على الضحايا الفلسطينيين الذين شككوا بداية بأعدادهم وبمسؤولية جيش الاحتلال عن جرائم استهدافهم عمدا ومن جهة ثانية استمرارهم بدعم الاحتلال بالأسلحة والذخيرة لمواصلة جرائم الحرب والإبادة وفي المقابل حالة الشارع العربي وبعض نخبه الحرة أكثر إدراكا لفداحة ظهور العرب الرسميين بهذه الصورة العاجزة والركيكة عن فهم آثار استمرار الإبادة على مصالحهم بداية ومصالح أوطانهم فالعجز الرسمي العربي أو هكذا يراد إظهار الحالة العربية هو أحد مضلعات السماح بمواصلة حرب الإبادة وجرائم الحرب ومنها استخدام التجويع ومنع العلاج وسيلتين في تلك الجرائم وبالتأكيد ليس السخط في الشارع العربي في مصلحة من يحاولون التساوق مع مشروع البيت الأبيض لإنقاذ دولة الاحتلال من ورطتها في افتضاح جوهرها أمام شوارع غربية قبل العربية وهو ما حذر من نتائجه المستقبلية كثيرون طوال أشهر الحرب على غزة لكن من المؤسف أن غواية إنهاء القضية الفلسطينية ومقاومة شعبها تجعل بعضهم يضع كل ثقته بإمكانية تحقيق تلك الأوهام التي باتت تل أبيب تعترف بنفسها استحالة تجسيدها على الأرض ما كانت تحتاج بعض السياسات الرسمية العربية غير المبالية بكوارث ما يصنع لأوطانها ترك هذه الأجيال الجديدة على امتداد الأرض العربية في حالة إحباط تختمر فيه مقدمات انفجار الأوضاع مستقبلا فالشارع العربي يقرأ عدالة فلسطين وحقها كاختزال لأغلبية قضاياه في العدالة والكرامة والمكانة والمصالح بين الأمم والشعوب ومراهنة معسكر مستشاري بايدن المتحولين إلى حكومة ظل لحكومة المأزوم نتنياهو ولفيفه اليميني الديني المتطرف على إمكانية ترويض الشوارع العربية وإن قسريا بمحاولة تغيير مناهج التدريس وجعل فلسطين غير ذات أهمية وعلى يد بعض سياسات مهرولة نحو انحدار الحقوق الثابتة إلى التطبيع بعد أن ركل الاحتلال منذ عقدين كل مبادراتهم السلمية لن يكون مصيرها أقل من مصائر حروبها المباشرة وغير المباشرة على مدار 60 عاما من فيتنام إلى بيروت والصومال وأفغانستان والعراق