آن أوان المكاشفة والمصارحة

بقلم/ محمود كامل الكومي
منذ قمة شرم الشيخ عام 2015، حين اجتمع الحكام العرب وأعلنوا قرار الحرب بقيادة السعودية على اليمن ، بدا وكأنّ البوصلة انحرفت عن وجهتها الحقيقية. فبدلًا من أن يكون العدو هو الكيان الصهيوني الغاصب، جرى تشكيل حلفٍ عربيّ لتدمير بلد عربيّ أصيل، في سابقة خطيرة جعلت السلاح العربي يُوجّه إلى صدور الأشقاء لا إلى صدور المعتدين.
واليوم، يثبت اليمن – رغم الجراح والخراب – أنه الدولة العربية الوحيدة التي تواجه إسرائيل بالفعل، وأنه لا يزال يرى الصراع في جوهره صراعًا وجوديًا مع الاحتلال، لا صراعًا داخليًا تُغذّيه النزاعات المذهبية والطائفية.
لقد استفادت إسرائيل من السلام مع مصر، ليس من باب المصالحة أو العدالة، وإنما بتحييد أهم قوة عربية عن ساحة الصراع، وإجهاض مكامن القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية التي لم تستطع انتزاعها بالحروب. وبهذا، حققت إسرائيل عبر السلام ما عجزت عنه في الميدان.
نحن اليوم أمام لحظة صيرورة تاريخية فارقة، تكشف كيف استُخدم الدين لخدمة مشروعات استعمارية زرعها العدو ونفّذناها بأيدينا وأموالنا، حتى بتنا ندفع ثمن الانقسام والتشرذم. ها هو العدو يتنكر لكل التفاهمات ويبطش ويهدد ويتمادى في احتلاله وعدوانه، فيما يظل بعضنا أسير الاصطفافات المذهبية: سني – شيعي، مسلم – مسيحي، وهي ثنائيات مزيفة أُريد لها أن تصبح محور صراع داخلي يستنزفنا ويغيبنا عن معركتنا الكبرى.
إن لحظة المكاشفة قد حانت: لا مخرج لنا إلا بالتكاتف والتضامن العربي، بعيدًا عن هرتلة الطائفية والمذهبية، وبالعودة إلى جوهر الصراع مع الاحتلال. إنها معركة وجود لا تُحسم إلا بوحدة الإرادة، وصوت عربي واحد، وجبهة صلبة لا تُفرّقها شعارات مستوردة ولا أموال ملوثة.
لقد آن الأوان أن نصارح أنفسنا: العدو واحد، وما دونه مجرد تفاصيل أرادها الاستعمار لتفريقنا.
*كاتب ومحامي مصري
ارسال الخبر الى: