آليات التغيير في المجتمع
كثر الحديث عن التغيير وآلياته في الفترة الأخيرة، خصوصًا بعد الأحداث التي مرّت بها بعض من دولنا العربية بما عُرف بالربيع العربي، وما تلاها من أحداث. فهل التغيير مجرّد عملية تحوّل في الأوضاع السياسية لدولة معيّنة؟ أم أنّ الأمر أعمق من ذلك؟
لعل التغيير السياسي هو المحك الذي يؤثّر في أيّ تغيير مجتمعي، لأنّه البوابة التي يدخل منها المجتمع إلى التغيير الشامل. صحيح أنّ المجتمعات تتطبّع بالشكل السياسي الحاكم لها، لكن المجتمع هو الآخر مؤثّر على الطبقة السياسية بما يحمله من إرث ثقافي وحضاري، لأنّ تلك الطبقة السياسية لم تأتِ من الفضاء الخارجي على متن طبق طائر، بل جاءت من ذلك المجتمع الذي تحكمه.
يقول عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد: الأمَّة التي لا يشعر كلُّها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحقُّ الحريّة. وبالتالي لن تفكّر بالتغيير، بل تستمرئ هذا الاستبداد، لأن التغيير الحقيقي يكون بقدر ما تمتلك الشعوب من إرادة حقيقية للحياة الكريمة. فكيف إذا كانت تلك الإرادة منزوعة؟
لا نطلب من التغيير أن يكون عصا سحرية تصنع المستحيل بسرعة في مجتمع يعمل بآليات تكبح حركته التغييرية
يحلّل ذلك الدكتور خالص جلبي بقوله: وعندما يقرّر القرآن أن (تغيير) الإنسان ممكن بيد (الإنسان) فهو لا يشير إلى الظروف المادية، بل الأوضاع (النفسية)، ولكن هذا يتطلب جراحة معقدة أكثر من الجراحة العصبية للدخول إلى طبقة (الوعي) و(اللاوعي)، فأما الوعي فالدخول عليه بالأفكار أما طبقة اللاوعي فهي مكان خزان العواطف والخبرات والعادات والمواقف الأخلاقية وهي تشكل 95% من كياننا النفسي، وتغيير اللاوعي ليس بهذه السهولة، فكيف يمكن أن يغير الناس شيئاً لا يشعرون به؟.
وتيرة التغيير الاجتماعي
يجب أن نعرف أنّ التغيير المطلوب هو فعل مجتمعي يضبطه إيقاع المجتمع الرتيب أو السريع بقدر الآليات التي يعمل بها المجتمع المُستهدف بهذا التغيير. فلا نطلب من التغيير أن يكون عصا سحرية تصنع المستحيل بسرعة في مجتمع يعمل بآليات تكبح حركته التغييرية مثلا. فيما يسري التغيير بوتيرة سريعة في مجتمع آلياته متقبلة لهذا
ارسال الخبر الى: