رحيل عبد الكريم رافق إعادة اكتشاف سورية خلال الحكم العثماني
في صمتٍ، غادرَنا المؤرّخ السوري الأميركي عبد الكريم رافق، أول من أمس الأحد، التاسع من حزيران/ يونيو الجاري، إثر حادث أليم، بعد مسيرة أكاديمية طويلة ما بين سورية والأردن ولبنان والولايات المتّحدة، جعلت منه مرجعاً لعدّة أجيال أسهمت في إعادة اكتشاف سورية خلال الحكم العثماني. وقد كان لي شرف التعلّم على يديه خلال العام الجامعي 1973 - 1974 في جامعة دمشق، والذي اعتمد لنا فيه كتابه الجديد حينها العرب والعثمانيون 1516 - 1918 الذي كان يصدر في مَلازم على مدى ذلك العام حتى اكتماله في 1974، والسير في مقاربته للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي لسورية خلال الحُكم العثماني بالاستناد إلى سجلّات المحاكم الشرعية، وشرف مزاملته حين جاء إلى الأردن بعد تقاعده سنة 2000 في عدّة زيارات للمشاركة في مناقشات الماجستير والدكتوراه والندوات العلمية.
وُلد عبد الكريم رافق عام 1931 في مدينة إدلب شمالي سورية، التي تُعتبر متحفاً مفتوحاً لتاريخ سورية القديم، والتحق بالمدرسة الإنكليزية في إدلب عام 1937 إلى 1947، ثمّ تابع دراسته الثانوية في الكلّية الأميركية بحلب خلال 1947 - 1951. ومع تخرُّجه، التحق بقسم التاريخ الذي افتتح حديثاً في جامعة دمشق (1951 - 1955)، وعمل مدرّساً فيه خلال 1956 – 1958، إلى أن حصل بعدها على بعثة للماجستير والدكتوراه في كلّية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.
كانت سنوات الدراسة في لندن (1958 - 1963) نقلةً نوعية في مساره لناحية البحث والمنهج مع وجود كوكبة من المؤرّخين مثل إيريك هوبزباوم وبرنارد لويس، وبيتر هولت الذي أشرف على رسالته للدكتوراه ولاية دمشق 1723 - 1783، والتي أصبحت الأساس لمقاربته الجديدة للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي والعمراني لسورية خلال الحكم العثماني بالاعتماد على مصادر محلّية مثل سجلّات المحاكم الشرعية وغيرها. وكان قد سبقه إلى ذلك المؤرّخ الأردني عبد الكريم غرايبة (1923 - 2014) الذي ناقش رسالته للدكتوراه التجّار الإنكليز في سورية في القرن الثامن عشر 1744 - 1791 عام 1951، والتي اعتمد فيها على سجلّات المحاكم الشرعية وانضمّ في 1953 إلى قسم التاريخ في
ارسال الخبر الى: