الحرب الروسية على أوكرانيا التصعيد يسابق عودة ترامب للحكم
٣٣ مشاهدة
تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا مرحلة جديدة من أهم ميزاتها أنها تكسر جليد الرتابة التي هيمنت عليها قرابة عام حيث استمرت عمليات الكر والفر من دون أن يحرز أحد الطرفين تقدما ميدانيا مهما يؤدي إلى هزيمة الطرف الآخر ويجبره على الاعتراف بها وتقبل شروطها التي توقف إطلاق النار لكن التصعيد الذي استجد في الآونة الأخيرة رفع من منسوب القلق الدولي من تحول النزاع إلى مواجهة أوسع نطاقا تجعل من أوكرانيا ساحة مفتوحة لحرب تتوسع تدريجيا حتى تضم أطرافا مختلفة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب وهو ما يفسر التحركات والتحذيرات من تداعيات كارثية على الأمن العالمي وعد ترامب بإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا ويشكل فوز دونالد ترامب بالسباق الرئاسي في الولايات المتحدة المحفز للتطور الجديد سواء من خلال تصريحه الشهير بإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا خلال أقل من 24 ساعة أو بسبب المخاوف التي تعصف بالمعسكر الأوكراني وحلفائه من الأوروبيين من احتمال عقد صفقة على حساب أوكرانيا بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وترامب بعد دخوله البيت الأبيض في 20 يناير كانون الثاني المقبل يسود الاعتقاد بأن الزمن الباقي حتى تسلم ترامب مهامه رسميا هو أقل من شهرين لا يكفي لتغيير اتجاه الحرب الروسية على أوكرانيا أو رسم استراتيجية جديدة قد يسمح هذا الوقت لأحد الطرفين بتحقيق بعض المكاسب الميدانية أو توجيه ضربات ذات مفعول كبير ولكن ذلك يبقى جزئيا وليس له تأثير كبير على مجريات التسوية النهائية التي تفيد بعض التسريبات الإعلامية أنها ستقوم على تثبيت حدود ما قبل 24 فبراير شباط 2022 وهذا يعني أن روسيا سوف تحتفظ بالأراضي التي استولت عليها ما بين 2014 و2022 بما فيها جزيرة القرم وتنسحب من الأراضي التي احتلتها بعد ذلك مقابل انسحاب أوكرانيا من الأراضي الروسية التي توغلت فيها في مقاطعة كورسك في أغسطس آب الماضي والبالغة مساحتها ألف كيلومتر مربع تنسق فرنسا وبريطانيا من أجل مساندة أوكرانيا عسكريا ودبلوماسيا حتى يصل الموقف إلى هذه النقطة هناك مرحلة من عض الأصابع بين روسيا من جهة وأوكرانيا وحلفائها من الأوروبيين والإدارة الأميركية الحالية من جهة أخرى وهذا هو السبب الكامن وراء التصعيد الميداني الراهن الذي يتسم بدخول أسلحة جديدة إلى الميدان حيث سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية واستخدمت أوكرانيا الأسبوع الماضي صواريخ أتاكمس الأميركية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر وذلك للمرة الأولى ضد منشأة عسكرية في منطقة بريانسك الروسية بعد حصولها على إذن من واشنطن كما أكدت موسكو أن أنظمة الدفاع الجوي لديها أسقطت صاروخين من طراز ستورم شادو بريطاني الصنع وستة صواريخ أميركية من طراز هيمارس وردت روسيا على ذلك باستخدام صواريخ باليستية من العيار الثقيل فرط صوتية متوسطة المدى من طراز أوريشنيك وقال سلاح الجو الأوكراني في بيان أخيرا إن القوات الروسية استخدمت الصواريخ في هجوم على مدينة دنيبرو وسط البلاد واستهدف منشآت حيوية في 20 نوفمبر تشرين الثاني الماضي وقد هدد بوتين الغربيين صراحة بأن رد روسيا سوف يكون نوويا وأعلن أن موسكو عدلت عقيدتها النووية لتشمل استهداف الأراضي الروسية بصواريخ تقليدية من قبل دولة مدعومة من دولة نووية كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وهذا يعني أن موسكو سترد نوويا على أي سلاح تقليدي من قبل إحدى هذه الدول قادم من أوكرانيا لأن روسيا سوف تفسر أي هجوم من هذا القبيل على أنه مشترك وسترد عليه نوويا تنسيق بريطاني فرنسي لمساعدة أوكرانيا يبدو أن الأوروبيين أخذوا تهديدات بوتين على محمل الجد وهذا ما يفسر التحرك البريطاني الفرنسي الذي بدأ التنسيق من أجل مساندة أوكرانيا عسكريا ودبلوماسيا وتضع الأوساط الدبلوماسية الفرنسية في هذا الإطار الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى باريس في 11 نوفمبر تشرين الثاني الماضي التي اعتبرها البلدان تاريخية ذلك أن مشاركة ستارمر في احتفالات الهدنة لوقف الحرب العالمية الأولى هي الأولى لرئيس وزراء بريطاني منذ ونستون تشرشل عام 1944 وكذلك الأمر بالنسبة إلى زيارة وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو إلى لندن في الـ21 من الشهر الماضي وهي الأولى لوزير فرنسي إلى لندن منذ استفتاء بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016 ويحمل التنسيق الفرنسي البريطاني إحساسا بضرورة تنسيق المواقف لمواجهة التداعيات والتطورات القادمة على قارة أوروبا وخاصة بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض وهو أمر لا ينظر إليه البلدان بارتياح وكشفت صحيفة الغارديان أخيرا أن المسؤولين في البلدين يعكفون على دراسة تأثيرات فوز ترامب على المراجعة الاستراتيجية للدفاع الأوروبي ومن بين أبرز نقاط اتفاق الطرفين رفض دفع كييف إلى الاستسلام من جراء استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا ومساندتها من أجل انتزاع اتفاق سلام عادل يحفظ حقها في استعادة أراضيها التي احتلتها موسكو بما فيها جزيرة القرم وضمان عدم التدخل الروسي في شؤونها الداخلية وإملاء شروط سياسية قاسية تتعلق بتوجهاتها وخياراتها المستقبلية وخاصة الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي والحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي ناتو وهذان الشرطان من بين أهم ما يسعى بوتين إلى انتزاعه كتعهد مكتوب من أوكرانيا وبضمانة أميركية أوروبية وأكد وزيرا خارجية البلدين في مقال مشترك نشر بصحيفة لوفيغارو الفرنسية أخيرا التزام بلادهما بمنع بوتين من إعادة كتابة مبادئ العلاقات الدولية وتحقيق أهدافه في أوكرانيا وشددا على أن بريطانيا وفرنسا بالتعاون مع الحلفاء ستبذلان كل الجهود الممكنة لدعم أوكرانيا في الحصول على سلام عادل ودائم أحد المؤشرات المهمة على خلط الأوراق في الفترة الفاصلة قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض يتمثل ببعض المواقف المفاجئة التي اتخذها الرئيس الأميركي جو بايدن لدعم أوكرانيا وخاصة تلك التي عارضها منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا وتشمل السماح لكييف باستخدام أتاكمس الأميركية وهي صواريخ أرض أرض موجهة بدقة وبعيدة المدى وتعد فعالة جدا في تدمير المنشآت المدنية والعسكرية ومنظومات الاتصال ومعدات الإطلاق ويبلغ مدى الصواريخ الأميركية الأقصى حوالي 300 كيلومتر وهي فائقة السرعة بنحو 5 آلاف كيلومتر في الساعة وحسب معلومات غربية جرى تداولها في وسائل بعض وسائل الإعلام فإن ما يصل إلى 14 مطارا روسيا وموقع إطلاق باتت تقع الآن ضمن نطاق هذه الأنظمة الجديدة فضلا عن مفاصل رئيسية في خطوط الإمداد الروسية بما في ذلك مناطق تمركز المعدات والقوات والطرق وقد نشر معهد دراسة الحرب في أميركا أخيرا خريطة تضم 225 منشأة عسكرية روسية ضمن نطاق أتاكمس وتقع مقاطعة كورسك الروسية بالكامل ضمن هذا النطاق استقدام روسيا 11 ألف جندي كوري شمالي لمساندتها على جبهات القتال يزيد الموقف تعقيدا من بين أهم الآثار المترتبة على هذا التطور مباشرة أنه يجرد روسيا من عدد من أوراق القوة كونه جاء في الوقت الذي كانت تستعد فيه موسكو لشن هجوم صاروخي واسع على منشآت الطاقة في أوكرانيا في بداية الشتاء وبدء القوات الروسية عملية واسعة لاستعادة كورسك قبل الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار ولفت الانتباه أن إدارة الرئيس الأميركي الحالي كانت حريصة جدا على تزويد أوكرانيا بحزمة المساعدات التي تم إقرارها خلال العام الحالي واعتبر مراقبون على صلة قريبة من الإدارة أنها تتصرف كما لو أنها تعمل على خلق واقع استراتيجي وميداني جديد في الحرب الروسية على أوكرانيا يجعل كييف في موقف تفاوضي أفضل إذا بدأت المفاوضات في عهد ترامب لكن ما هو غير واضح هو تعمد استفزاز بوتين لاتخاذ مواقف أكثر صلابة ضد أوكرانيا وحلفائها ما يعقد فرص ترامب لتبرير وقف الدعم لأوكرانيا هناك مسألة أخرى تزيد الموقف تعقيدا في الحرب الروسية على أوكرانيا وهي استقدام موسكو 11 ألف جندي كوري شمالي من أجل مساندتها على جبهات القتال وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال أخيرا بأن نحو 3 آلاف من بين هؤلاء قد انخرطوا في المعارك الدائرة في منطقة كورسك الروسية التي تحتلها قوات أوكرانية بعدما تم نشرهم إلى جانب قرابة 50 ألف جندي روسي لتنفيذ عملية عسكرية في مطلع الشتاء بغية استعادة السيطرة على مقاطعة كورسك وطرد القوات الأوكرانية منها في هذا الوقت يجري الحديث في بعض وسائل الإعلام الغربية عن الأرقام الكبيرة للضحايا بين المعسكرين الروسي والأوكراني وهناك تضارب واضح بين بلوغها نحو مليون وفي رواية أخرى نصف مليون وتجمع المعلومات على أن النسبة الكبرى من القتلى حتى الآن هي في صفوف القوات الروسية التي فقدت أكثر من 600 ألف قتيل وهذا ما يفسر توجه روسيا لتعزيز جيشها المقاتل على الجبهات فبالإضافة إلى الكوريين الشماليين استقدمت عدة آلاف من جنسيات أجنبية يتلقون مرتبات عالية تبدأ من ألفي دولار ووعد بالجنسية الروسية كما زجت موسكو بأعداد كبيرة من السجناء الروس الذين وقعت معهم عقودا تتضمن إطلاق السراح وإسقاط التهم بعد نهاية الحرب