الجمهورية لا تخترق بالتوبة حين يستعيد التائبون موقعهم في صفها

كثر الحديث مؤخرا عن أولئك الذين أعلنوا توبتهم وعودتهم إلى صف الجمهورية بعد سنوات من التحالف أو الانخراط المؤقت في مشروع المليشيات الحوثية.
حديث يفيض بالشك والريبة، ويمتلئ باتهامات غير مبررة عن اختراق مفترض للجمهورية من داخلها، كأنما الوطن قلعة مغلقة لا يدخلها إلا من لم يخطئ قط، أو كأنما الخطيئة لا تُغتفر حين ترتبط بالتحالف مع الكهنوت، بينما تُغتفر حين تكون سياسية أو مناطقية!
لكن، الحقيقة العارية التي يجب أن نواجهها بوعي جمهوري نقي هي: أن التوبة فعل شجاع، وأن العودة إلى الصف الجمهوري بعد الارتباك أو الضلال لحظة نبل يجب أن نحتفي بها لا أن نحاكمها على ماض اختلطت فيه الوقائع بالرغبة في النجاة أو الوهم أو الجهل أو حتى الطمع.!
بمعنى أدق فإن من يعود إلى الجمهورية بعد تجربة التحالف مع الكهنوت ليس عميلا مزدوجا بالضرورة، بل هو غالبا عقلٌ استيقظ، وضميرٌ انبعث من تحت ركام الخوف والضياع، ليعيد تموضعه في المكان الصحيح.
بل صدقوني إن هؤلاء لم يعودوا سراً، بعدما أعلنوا ندمهم وتوبتهم وألحقوا أقوالهم بأفعال تدعم المشروع الوطني في مواجهة المشروع السلالي الرجعي.
والحال أن الجمهورية ليست ملكاً لحزب ولا لطائفة ولا لمناطق بعينها. هي مشروع حرية وعدالة ومساواة لكل اليمنيين، ولذا فهي تمتلك من السعة والرحابة ما يمكنها من احتواء التائبين الصادقين.
وإذ لا أحد يُولد على بينة تامة من كل شيء، بل إن الخير كل الخير في أن يخطئ الإنسان ثم يراجع نفسه ويختار الطريق الصائب. وهؤلاء التائبون فعلوا ذلك.
أعني إن الجمهورية إذ تتسع لهم، لا تفعل ذلك من باب الرحمة فقط، بل من باب القوة أيضاً. فالمشروع ال. حوثي، الذي يحاول أن يقسم اليمنيين إلى سادة وأتباع، وإلى أصل سماوي وأغيار، يتغذى على الفرز وعلى الإقصاء وعلى الأحقاد المناطقية والسياسية، ويستثمر في الخلافات والخصومات، في حين أن المشروع الجمهوري ينتصر كلما قرر أبناؤه المختلفون أن يتصافحوا ويواجهوا عدواً واحداً لا يزال يهدد جوهر كرامتهم الوطنية جميعا.
لذا، من واجبنا – نحن
ارسال الخبر الى: