فقاعة الديون تهدد أميركا دول عظمى اندثرت بسبب استهتارها المالي
39 مشاهدة
خيم الاضطراب على أسواق المال الأميركية والعالمية مجددا إذ سادت المخاوف بشأن تفاقم فقاعة الدين العام الأميركي بعدما شهدت هدوءا نسبيا خلال الأيام الماضية في أعقاب رسائل الهدنة الاضطرارية التي بعث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن حرب الرسوم الجمركية الواسعة التي شنها في إبريل نيسان الماضي ولا سيما على الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وشهدت الأصول الأميركية انخفاضا حادا أمس الاثنين مع تصاعد المخاوف المالية عقب تجريد البلاد من أعلى تصنيف ائتماني AAA وتجاوز مشروع قانون الضرائب الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب عقبة رئيسية في الكونغرس يوم الأحد الماضي والذي من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة العجز الفيدرالي وإضافة الولايات المتحدة المزيد من الديون إذ يتضمن مئات المليارات من الدولارات من التخفيضات الضريبية الجديدة التي لا تعوض بتغييرات في الإنفاق وارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات أمس الاثنين إلى 4 51 في التعاملات الآسيوية بعد أن أغلق عند 4 44 يوم الجمعة كما ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 30 عاما إلى أكثر من 5 بزيادة تبلغ نحو 0 06 نقطة مئوية وهو أعلى مستوى لها منذ 9 إبريل نيسان الماضي عندما أثارت رسوم ترامب الجمركية موجة بيع عالمية للأصول الأميركية كذلك انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية لمؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك بنسبة 1 و1 3 على التوالي وارتفعت أسعار الذهب بنسبة 0 5 لتصل إلى 3216 دولارا للأونصة الأوقية وانخفض الدولار الأميركي بنسبة 0 3 مقابل سلة من العملات ترامب يدعو لتمرير مشروع قانون الضرائب الجميل قال رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في بنك سوسيتيه جنرال سوبادرا راجابا لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أمس إن مشروع قانون الضرائب يساهم في رفع المديونية طويلة الأجل ويوم الجمعة الماضي صوت خمسة نواب جمهوريين من لجنة الميزانية في مجلس النواب ضد مشروع القانون ما أدى إلى عرقلة تقدمه لكن بعدها بيومين جرى تمرير مشروع القانون بفارق ضئيل في تصويت اللجنة يوم الأحد وضغط ترامب على نواب حزبه للتصويت لصالح مشروع القانون وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة يجب على الجمهوريين أن يتحدوا وراء مشروع القانون الكبير والجميل لسنا بحاجة إلى متباهين في الحزب الجمهوري كفوا عن الكلام وأنجزوا الأمر ومن المتوقع أن يؤدي التشريع إلى زيادة العجز الفيدرالي الذي بلغ 6 4 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 وهو أعلى بكثير من المستويات التي يراها الاقتصاديون مستدامة على المدى الطويل ويعني العجز الأكبر ارتفاع معدلات الاستدانة عبر طرح المزيد من سندات الخزانة وبينما تعتقد إدارة ترامب أن التخفيضات الضريبية ستعزز النمو وتزيد الإيرادات وتخفض عجز الولايات المتحدة فإن لجنة الموازنة الفيدرالية تتوقع أن فاتورة الضرائب قد تضيف ما يصل إلى 5 2 تريليونات دولار إلى الدين الوطني على مدى 10 سنوات ويبلغ الدين الحكومي نحو 36 2 تريليون دولار في حين يبلغ عجز الموازنة الفيدرالية حوالى تريليوني دولار سنويا ويأتي قلق أسواق المال من تمرير قانون الضرائب متزامنا مع تجريد وكالة موديز الولايات المتحدة من تصنيفها الائتماني الممتاز AAA للمرة الأولى في التاريخ محذرة من ارتفاع مستويات الدين الحكومي وتفاقم عجز الموازنة في أكبر اقتصاد عالمي وتتوقع الوكالة أن يرتفع عبء الدين الفيدرالي إلى حوالى 134 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035 مقارنة بنحو 98 في عام 2024 كما تتوقع أن ينمو العجز الفيدرالي إلى 9 من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2035 وقالت كبيرة استراتيجيي الاستثمار في ساكسو ماركتس في سنغافورة تشارو تشانانا لوكالة بلومبيرغ إن خفض موديز رمزي أكثر مما هو تحول جوهري مضيفة أنه يضعف الثقة خاصة في ظل تصدر المخاوف من الدين والعجز للمشهد هناك خطر من أن يتحول هذا إلى قضية سياسية وبهذا تنضم موديز إلى وكالتي فيتش وستاندر آند بورز في تصنيف أكبر اقتصاد في العالم دون الدرجة الثلاثية الممتازة ورغم اعتراف موديز بالقوة الاقتصادية والمالية الكبيرة للولايات المتحدة إلا أنها لم تعد ترى أن هذه العوامل تعوض بالكامل تدهور المؤشرات المالية بحسب ما قالت شركة التصنيف من جانبه قلل وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أهمية القلق بشأن ديون الحكومة الأميركية والتأثير التضخمي للرسوم الجمركية قائلا إن إدارة ترامب عازمة على خفض الإنفاق الفيدرالي وتنمية الاقتصاد لكن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة والمخاوف بشأن الديون الناجمة عن تشريع خفض الضرائب قد يؤدي إلى المزيد من التأثيرات السلبية على أسواق المال لا سيما إذا تزعزعت مكانة سندات الخزانة الأميركية ملاذا آمنا ومن المرجح أن يحفز ذلك المستثمرين العالميين على طلب علاوات أعلى مقابل شراء الديون الأميركية فقدان الثقة في السياسات الأميركية وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في مقابلة نشرت مع صحيفة لا تريبيون ديمانش يوم السبت إن تراجع الدولار مؤخرا مقابل اليورو يعكس حالة من عدم اليقين وفقدان الثقة في السياسات الأميركية في بعض أوساط الأسواق المالية وشهدت الأصول الأميركية عمليات بيع مكثفة الشهر الماضي بعد قرار ترامب في الثاني من إبريل نيسان بفرض رسوم جمركية شاملة على شركاء تجاريين منهم حلفاء استراتيجيون رئيسيون مثل اليابان قبل أن يعلن بعدها بأسبوع تعليق العمل بهذه الرسوم لمدة 90 يوما وقلصت الصين حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية في مارس آذار الماضي لتحل المملكة المتحدة مكانها كثاني أكبر مالك أجنبي لهذه السندات وتمتد المخاوف من تداعيات عدم السيطرة على الديون الأميركية وارتفاع العوائد عليها إلى الأسواق العالمية إذ فتحت الأسهم الأوروبية على انخفاض أمس لتقطع سلسلة من المكاسب استمرت خمسة أسابيع كما أغلق المؤشر نيكاي الياباني متراجعا بنسبة 0 68 إلى 37498 63 نقطة وانخفض المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0 08 إلى 2738 39 نقطة عندما تجف منابع المال يبدأ الغضب الشعبي أشار المحلل الاقتصادي روبرت بيرغيس في مقال رأي نشرته بلومبيرغ إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة دفع أميركا لإنفاق 1 13 تريليون دولار على خدمة الدين في 2024 أي ضعف السنوات السابقة وأضافت الولايات المتحدة منذ عام 2019 نحو 13 تريليون دولار إلى دينها العام لدعم الاقتصاد خلال جائحة فيروس كورونا وتمويل أجندات الرئيسين الحالي دونالد ترامب والسابق جو بايدن وتتمثل المخاوف في أن يصل الدين الفيدرالي إلى مستويات تجعل عائدات الضرائب غير كافية لتغطية فوائد الديون ما سيضطر الحكومة إلى الاقتراض من جديد لسداد الفوائد وهو سيناريو يعرف بين الاقتصاديين بـقنبلة الدين وفق بيرغيس وأعلنت وزارة الخزانة يوم الجمعة الماضي أن المستثمرين الأجانب أضافوا 233 مليار دولار إلى حيازاتهم من السندات الحكومية الأميركية في مارس آذار بعد أن أضافوا 257 مليارا في فبراير شباط في أكبر شهرين متتاليين من حيث حجم الشراء على الإطلاق ووفق بيرغيس تظهر دروس التاريخ العديد من الأمثلة التحذيرية لإمبراطوريات ودول عظمى اندثرت بسبب استهتارها المالي وعندما تجف منابع المال يبدأ الغضب الشعبي وقال من المؤسف أن قلة من السياسيين في واشنطن تأخذ هذه الأزمة على محمل الجد مفضلين إدارة الشؤون اليومية من دون اعتبار لمستقبل البلاد ومجرد كون الولايات المتحدة القوة الاقتصادية الأولى في العالم حاليا لا يعني بالضرورة أنها ستحتفظ بهذه المكانة في المستقبل