المجيب بسرعة عن السؤال: كيف سيكون اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على لبنان؟، سيقع في معضلة مفادها: هل نسارع إلى التفاؤل بأننا سنتخلّص من هيمنة حزب الله، ويدخل لبنان في السلام والازدهار؟ وعلى أيّ أكتاف سيحمل هذان؛ السلام والازدهار؟
والمعضلة ليست فلسفيةً مُجرَّدةً. إنها تعني خصوم الحزب وأعداء إسرائيل، فهم من ناحية يريدون نهاية لهيمنة هذا الحزب على لبنان، ولكنّهم، في الوقت نفسه، يرعبهم أن تكون نهايته بيد إسرائيل. ليس لأنها إسرائيل وحسب، وليس لأنها يد أجنبية مُحرِّرة، قتلاً وغزواً وتدميراً بدعم من أكثر الدول تسلّحاً، ولا لأنها تعيدنا إلى 2003، عندما حرّرت أميركا العراق من الديكتاتور صدّام حسين، ودخل معارضوه بغداد على ظهر الدبابات الأميركية، فصار العراق مشاعاً لإيران، ودخل في طور الاحتلالَين، الأميركي والإيراني. والتاريخ يضجّ بأنواع من التحرير كهذا.
ونحن على ظهر دبابة إسرائيلية نتوهّم أننا سنتحرّر بالمطلق، طالما أننا سنتحرّر من حزب الله. هذا يدلّل على كثرة ما عذّبنا هذا الحزب، ولكنّه أيضا يدلّل على استعجالنا. وهو استعجال مفهوم، يضغط من أجله الجحيم الناري الذي وضع الحزبُ لبنانَ فيه الآن، لكنّه ينطوي أيضاً على أوهام الحرّية المُبهجة التي سنتمتّع بها بعد رحيل الحزب من المشهد. نحن لا نريد حزب الله، ولا نريد أيضاً التخلّص من هيمنته بقوة غير قوتنا، ولكنّنا أخفقنا في ذلك طوال السنوات السابقة. وفي الآن عينه، لسنا أبداً سعداءَ بأن تكون إسرائيل هي التي تُحرِّرنا منه، فالحرّية هي من صنع أصحابها. هي عملية طويلة، مسار طويل ومتعرج، وهي دائماً ملغومةً إذا كانت تُقدَّم لك من طرف لا تعنيه حرّيتك، إنما حرّرك من أجل غاية في نفسه، مصلحة ما، طمع ما؛ أرض، ثروة، مجال حيوي، سلطة ناعمة... أمّا أن يكون مُحرِّرك هو إسرائيل بالذات، فذلك ما يقيم محلّاً للقهر السافر، النقيض الصريح للحرّية.
كان الاعتماد على إيران لإنقاذ حزب الله بعدما تراخت في إنقاذ غزّة. إيران الآن حُيّدت، وفي الأصل لم تشتبك مع إسرائيل إلّا بعد اغتيال إسماعيل هنيّة في أراضيها؛ أي بعدما انتُهِك أمنها،