لم تعد الحقيقة بحاجة إلى تلميح، فقد بات واضحًا أن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي فُوِّض من الشعب لحمل قضية الجنوب، قد باعها بثمن بخس مقابل الشراكة في مناصب قيادية داخل مجلس القيادة الرئاسي وفي إطار حكومة الشرعية التي كنا نعلم جميعًا أنها فاشلة وفاسدة.
منذ توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019، الذي رعته السعودية، بدأ المجلس الانتقالي يتحول من حامل سياسي لقضية شعب إلى شريك في إدارة الأزمات، لا في حلها، ولقد باتت المحافظات الجنوبية، وعلى رأسها عدن، تعيش أسوأ أوضاعها الأمنية والمعيشية، في ظل انهيار مريع للخدمات.
انهيار الكهرباء والماء والغاز لا يمكن فصله عن التلاعب السياسي الذي تشارك فيه الحكومة والمجلس الانتقالي، وهو ما أكده تقرير “المجلس الاقتصادي الأعلى” الصادر في 2023، الذي حمّل أطرافاً في السلطة مسؤولية تعطيل محطات الطاقة وتعطيل الاستيراد لتضييق الخناق على الناس.
العملة الوطنية تواصل الانهيار في المناطق المحررة، بينما تبقى مستقرة نسبيًا في مناطق الحوثيين، في مفارقة تعكس فشل السياسة الاقتصادية وغياب السيادة، وهو ما أكده تقرير المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية (CSIS) في 2024، حول “الاقتصاد السياسي في اليمن المقسم”.
خضوع الانتقالي للتحالف (الإمارات تحديدًا) لم يعد خافيًا، مع توالي تسليم الموانئ والمطارات للقوات الإماراتية، كما حصل في مطار الريان وميناء بلحاف، وهي معلومات موثقة في تقارير هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة.
الحوثي كأداة إيرانية، بات محل إجماع دولي، وهو ما أشار إليه تقرير مجموعة الأزمات الدولية 2022، التي شبّهت الحوثيين بأداة لتنفيذ مشروع إقليمي يمزق اليمن من الداخل.
وها هي اليوم ثورة النسوة تنطلق كشرارة غضب واحتجاج شعبي حقيقي على هذا الواقع المرير، وإن دعوة النساء في عدن، اليوم السبت الساعة الرابعة عصراً، إلى وقفة احتجاجية حاشدة في ساحة العروض، خور مكسر، تمثل رسالة واضحة لكل من يتستر على الفساد والخذلان: كفى صمتاً.
هذه الوقفة النسوية تمثل بداية موجة جديدة من الغضب الشعبي ضد الانهيار الشامل في المعيشة والخدمات، وخصوصاً