يمني برس- تحليل- أنس القاضي
تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج اليوم – 13مايو 2025م في سياق دولي وإقليمي استثنائي، يتسم بتعقيدات متزايدة، وتشظٍّ في توازنات القوة التقليدية في المنطقة والعالم. فبينما تحاول الولايات المتحدة، في عهد ترامب الثاني، استعادة زمام المبادرة في منطقة طالما اعتُبرت ساحة نفوذ أمريكية بامتياز، تواجه واقعاً جديداً يتمثل في تعدد مراكز القوة الإقليمية، وتنامي نزعات الاستقلال في السياسات الخليجية، وتراجع الثقة بالضمانات الأمنية الأمريكية، فضلاً عن تحولات ميدانية حاسمة في ملفات غزة، وإيران، واليمن، وسوريا.
وتحمل الزيارة، التي ستشمل السعودية والإمارات وقطر، طابعاً مزدوجاً يجمع بين الاقتصاد والسياسة، ويعكس سعي ترامب إلى تحقيق مكاسب سريعة على أكثر من صعيد؛ فمن جهة يريد تعزيز الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد الأميركي، وتوسيع نطاق اتفاقيات “إبراهام” التطبيعية؛ ومن جهة أخرى، يريد إعادة تموضع الولايات المتحدة كلاعب مركزي في إعادة تشكيل المعادلات الإقليمية، لا سيما في ضوء تراجع القدرة الأمريكية على الحسم العسكري أو الوساطة المتوازنة.
السياق السياسي الإقليمي والدولي لزيارة ترامب إلى الخليجأولاً: السياق الإقليمي
شهدت المنطقة منذ أكتوبر 2023م تصعيداً غير مسبوق في العدوان الصهيوني على غزة، لا سيما بعد عملية “طوفان الأقصى”، وما تلاها من تدهور أمني وإنساني في قطاع غزة، وظهور قوى إقليمية جديدة في ساحة المواجهة مع الكيان، وعلى رأسها الجمهورية اليمنية. وقد تزامن ذلك مع عودة النقاشات الدولية حول مستقبل القضية الفلسطينية، وشروط إقامة الدولة الفلسطينية و”حل الدولتين”، ما أعاد ترتيب أولويات عدد من الدول الفاعلة في المنطقة، وخاصة السعودية التي تربط موقفها من التطبيع مع “إسرائيل” -في سياق تبريره- بوجود مسار سياسي جاد يفضي إلى “حل الدولتين”.
كما يتصاعد التوتر في الملف النووي الإيراني، حيث تسير واشنطن وطهران في مسار تفاوضي غير مستقر، يجمع بين الضغوط المتبادلة والبوادر الدبلوماسية المحدودة. وتُجرى جولات من المباحثات في مسقط، بينما تُلوّح “إسرائيل” من جانبها بخيارات عسكرية قد تُفجّر المنطقة، وهو ما يجعل موقف ترامب من هذا الملف خلال الزيارة بالغ الحساسية.