الأنباء أونلاين – وليد الجبر
في قلب المسجد الحرام في مكة المكرمة، حيث يجتمع ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم لأداء شعائر الحج والعمرة الصلاة والطواف حول الكعبة المشرفة، تظل أرضية الحرم باردة بشكل مذهل حتى وهي تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي أشد أيام الصيف حرارة.
مما يثير العديد من التساؤلات حول سر بقاء هذه الأرضية الرخامية باردة و لطيفة حتى في ظل درجة حرارة مكة المكرمة العالية التي تتجاوز أحيانا 50 درجة مئوية .
لكن هذه الظاهرة الفريدة التي أثارت دهشة زوار الحرم منذ عقود ،لم تكن مجرد مصادفة، بل كانت نتاج اختيارات دقيقة وتجربة هندسية فريدة جمعت بين الطبيعة الفريدة والتقنيات الحديثة. فما هي قصتها ومن وراء اختيارها؟
العقل المدبر
في ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدا في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، بدأت الحكومة السعودية بمشروع توسعة الحرمين المكي والنبوي، وأسندت مسؤولية الإشراف على المشروع للمهندس المصري محمد كمال إسماعيل نظرًا لخبرته العميقة في العمارة الإسلامية.
حيث يُعتبر المهندس الدكتور محمد كمال إسماعيل، المولود في مصر عام 1908، واحدًا من أبرز المهندسين العرب الذين ساهموا في تخطيط وتطوير الحرمين الشريفين، وكان أول مصري يحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية من فرنسا.
وعند مباشرته لمهامه، كان المهندس محمد إسماعيل مدركًا للتحديات المناخية القاسية التي تواجهه في بيئة مكة الحارة خاصة خلال فصل الصيف.
لهذا السبب، فقد بحث عن نوعية رخام فريدة قادرة على التغلب على هذه التحديات المناخية والبقاء باردة بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أنظمة تبريد صناعية معقدة، فوقع اختياره على رخام نادر يتم استخراجه من جزيرة ثاسوس اليونانية لاستخدامه في أرضية الحرم، في إطار حرصه على أن تكون توسعة الحرم نموذجًا متكاملاً من حيث التصميم والوظيفة.
ولم يكن اختياره لهذا النوع من الرخام النادر مجرد قرار جمالي عشوائي، بل كان رؤية هندسية استثنائية أبدعها المهندس محمد إسماعيل، بعد دراسات معمقة وتجارب عملية أكدت أنه الحجر الأمثل لتخفيف معاناة زوار بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين، وتوفير