دمشق – المساء برس|
في خطوة وصفها مراقبون بأنها “طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية”، أكدت صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الأربعاء، اعتقال النظام السوري الجديد لاثنين من أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، في سابقة تظهر بوضوح التحوّل الجذري في بوصلته السياسية، وتكشف عن أجندات تتقاطع بشكل واضح مع المصالح الغربية والإسرائيلية.
ففي الوقت الذي تعاني فيه غزة من حرب إبادة مستمرة تشنها “إسرائيل” بدعم أمريكي، وتستعر فيه المواجهات في الضفة الغربية، تأتي السلطة الحاكمة الجديدة في دمشق – بقيادة أبو محمد الجولاني ومن خلفه المعسكر الغربي – لتقمع واحدة من أبرز الحركات الفلسطينية المقاومة، في خضوع فاضح للإملاءات الأميركية والصهيونية.
الاعتقالات جاءت – وفق الصحيفة الأمريكية – بالتزامن مع زيارة وفد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين إلى دمشق، وهي أول زيارة من نوعها منذ سنوات، ما يعزز من فرضية أن الخطوة لم تكن قرارًا سياديًا خالصًا، بل نتاج صفقة سياسية تهدف إلى إرضاء واشنطن و”تل أبيب”، مقابل وعود جزئية بتخفيف العقوبات الأميركية.
وتأتي عملية الاعتقال بمثابة مقايضة واضحة: اعتقلوا المقاومة الفلسطينية، تنالوا رضا الغرب، هذا ما حدث حرفيًا في دمشق، التي تحولت من ملاذٍ لحركات التحرر إلى منصة لتصفية المقاومة وإعادة إنتاج أنظمة الطاعة.
لطالما وصفت سوريا – تاريخياً – بأنها “قلب العروبة النابض” والداعم المركزي للمقاومة الفلسطينية، لكن ما حدث الآن يؤكد أن ما يسمى بـ”النظام الجديد” قد قطع الشريان الأخير الذي يربطه بخطوط المقاومة، وبدأ بالانخراط العملي في محور إقليمي تقوده واشنطن وتدعمه “إسرائيل”.
هذا التحول، وفق مراقبين، لا يمكن وصفه إلا بكونه سقوطًا أخلاقيًا مدويًا، خاصة وأنه جاء دون أي مبررات قانونية أو سياسية. فاعتقال قيادات فلسطينية تقاتل الاحتلال، من دون حتى توضيح الأسباب، يؤكد أن الجولاني وحكومته الجديدة باتوا جزءًا من خارطة هندستها المخابرات الأمريكية والموساد.
على مدى سنوات مضت، ظل الجولاني – الرجل العائد إلى الواجهة بدعم غربي تركي خليجي – يقدم نفسه كـ”وجه دبلوماسي للمقاومة والممانعة”. لكن هذه الحادثة كشفت زيف تلك الشعارات التي تهاوت