في زمنٍ يُباع فيه الوطن بالكلمات الرخيصة، ويُساوِم فيه البعض على الثوابت بالأوهام الزائلة، ينهض رجالٌ من صلب المعاناة، يحملون في قلوبهم جمرة المقاومة، وعلى ألسنتهم صواعق الحق، لا لشيء سوى إيمانهم القويّ الوهاج. يصنعون التاريخ بصبرهم، ويكتبون المجد بدمائهم، ويُذكّرون الأجيال بأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعًا. ومن بين هؤلاء، يبرز اسمٌ كُتب بحروف من نور ونار: إنه الإعلامي المميز عمر الصريري.
وُلد الصوت الصادح عمر الصريري عام 1982م في مديرية عمد بمحافظة حضرموت الوادي، تلك الأرض التي شهدت ميلاد العظماء وتنفّست عبق النضال منذ فجر الثورة الأكتوبرية ضد الاستعمار البريطاني حتى اليوم.
نشأ الإعلامي عمر الصريري في أحضان منطقة النُعير العريقة التي أنجبت أبطالًا كُثر، أبرزهم المناضل فيصل بن علي العطاس النعيري، رجل الدولة الجنوبية الذي رسم معالم الإدارة والتخطيط، وقاتل ببسالة ليرفع راية الجنوب عاليًا منذ انخراطه في الجبهة القومية، حتى تولّى محافظًا لشبوة عام 1969م، ثم لحضرموت عام 1970م، واستمر في العطاء كنائب لوزير الأشغال والإسكان، ثم مستشارًا لرئيس الجمهورية في عهد الوحدة المغدورة عام 1990م.
لم يكن الصريري مجرد ابن لتلك الأرض، بل كان وريثًا لمشروع نضالي لم ينقطع. حمل الراية وهو في ريعان شبابه عام 1997م، وانخرط في العمل الوطني منذ اللحظة الأولى التي هبّت فيها رياح الانتفاضة في وجه المحتل اليمني. غير أن آلة القمع لم ترضَ بعلوّ صوته، فواجه التهميش والإقصاء، وحُرم من أبسط حقوقه في التعليم والتأهيل، مما اضطره إلى الهجرة في عام 2002م، باحثًا عن كرامة تُصان وحقٍ يُحفَظ، حاملًا معه همَّ وطنه ومسؤولية أسرة طالها الظلم والحرمان، في منطقة يُعرف أهلها بشجاعة استثنائية ومقاومة لا تلين.
في أرض المهجر، لم يهدأ له بال، بل حوّل غربته إلى منبر نضال وصوتٍ للمقهورين. فأطلق من منصاته الإعلامية خنادق فضح جرائم الاحتلال اليمني، وكشف زيف مشاريع اليمننة التي حاولت تغليفها قوى الاحتلال بخطاب ناعم وأجندات محلية. لكن تغريدات الصريري النارية ومساحاته التفاعلية، ظلت صوتًا لا يخفت، وموقفًا لا يرهَب، تُذكّر الجميع