هل نجحت أميركا في كبح التصعيد بين إيران وإسرائيل

٣٠ مشاهدة
أدت الولايات المتحدة الأميركية دورا مهما في منع تحول الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل خلال نيسان أبريل 2024 إلى صراع عسكري مفتوح يمكن أن يجرها إلى حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط فمن جهة بذلت إدارة الرئيس جو بايدن جهدا كبيرا بالتعاون مع حلفائها في صد الهجوم الإيراني على إسرائيل ومن ثم منع وقوع خسائر كبيرة قد تدفع هذه الأخيرة إلى الرد بقوة ومن جهة ثانية مارست ضغوطا كبيرة على إسرائيل لعدم الرد مطلقا على الهجوم الإيراني الذي وقع في 14 نيسان أبريل والاكتفاء بما أسمته النجاح الكبير في صده أو حصره في نطاق ضيق في حالة الإصرار على الرد وهو ما جرى فعلا في الهجوم الإسرائيلي الرمزي على مواقع في محيط مدينة أصفهان الإيرانية في 19 من الشهر ذاته هل تغيرت قواعد الاشتباك تخوض إيران وإسرائيل منذ عقود حرب ظل على امتداد المنطقة إذ تتبادلان الهجمات سواء مباشرة أم عبر وكلاء إلا أن ضرب إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع نيسان أبريل 2024 والذي قتل فيه سبعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني اثنان منهم برتب عالية هو أمر اعتبرته إيران محاولة من إسرائيل لتغيير قواعد الاشتباك ما فرض ردا مباشرا اقتضته ضرورات الحفاظ على هيبتها بوصفها قوة إقليمية والعودة إلى قواعد الردع المتبادل دون الانجرار إلى حرب شاملة شنت إيران في 14 نيسان أبريل هجوما على إسرائيل من داخل أراضيها استخدمت فيه أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ باليستي ومجنح كروز لكن المقذوفات الإيرانية لم تحذث أضرارا كبيرة إذ جرى إسقاط أغلبها بقيادة أميركية وفي 19 من الشهر نفسه شنت إسرائيل هجوما انتقاميا محدود النطاق لم تتبنه رسميا على قاعدة عسكرية جوية قرب مدينة أصفهان لكن لم يحدث أضرارا كبيرة بدوره كما شمل الرد الإسرائيلي هجوما على قاعدة رادار عسكرية جنوب سورية وهجوما آخر في اليوم التالي على قاعدة عسكرية كالسو في محافظة بابل العراقية جنوب العاصمة بغداد تضم مركز قيادة لهيئة الحشد الشعبي التي تنضوي تحتها ميليشيات تابعة لإيران وفي حين سعت الأخيرة إلى التقليل من حجم الهجوم على القاعدة الجوية في أصفهان عبر التصريح بأنه تم بطائرات مسيرة صغيرة انطلقت من داخل إيران نفسها وتمكنت دفاعاتها الجوية من إسقاطها إلا أن ثمة معلومات نشرتها وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية تعتمد على مصادر رسمية غير محددة تبين أن الهجوم تضمن قصفا بصواريخ من طائرات حربية وقد فهم الصمت الإسرائيلي الرسمي عن الهجوم وتقليل إيران من حجمه وإغفالها مصدره بأنه محاولة من الطرفين للتهدئة ومن ثم العودة إلى قواعد حرب الظل دون إغفال التغيرات التي طرأت على علاقتهما خصوصا أن الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل من أراضيها يعد الأول منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 تقديرات إيران وإسرائيل تدل الهجمات المتبادلة التي حصلت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على وجود رغبة مشتركة لدى إيران والولايات المتحدة وإلى حد أقل إسرائيل لتجنب الانجرار إلى حرب شاملة فإيران تعاني وطأة العقوبات الاقتصادية الأميركية عليها والتي تمت إعادة فرضها بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 كما أن موازين القوى العسكرية مختلة بشدة لصالح إسرائيل التي تحظى بدعم أميركي وغربي كبير برهنت عليه الحرب على غزة والرد على الهجمات الصاروخية التي قامت بها إيران ضد إسرائيل من هنا ورغم أن إيران بدت مضطرة إلى الرد على هجوم إسرائيل على قنصليتها في دمشق فإن الطريقة التي صممت بها الضربة كانت تستهدف على الأرجح عدم استدعاء رد إسرائيلي وربما أميركي كبير عليها وقد اعترف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن بلاده أعطت بعض الدول المجاورة بما في ذلك دول حليفة للولايات للمتحدة إشعارا قبل 72 ساعة من بدء الهجوم ووفقا لمصادر أميركية فإن كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أبلغتا الولايات المتحدة بذلك وقد فهم ذلك على أنه حرص من جانب إيران على إعطاء وقت كاف للولايات المتحدة وإسرائيل للاستعداد لتلك الهجمات رغم أن إيران كانت تقصد من خلال تصميم الهجوم بالطريقة التي تم بها الوصول إلى قاعدة نفاتيم الجوية في صحراء النقب بالقرب من مدينة بئر السبع وذلك لتأكيد قدرتها على بلوغ هدفها رغم كل الدفاعات التي أنشأتها إسرائيل وحلفاؤها لصد الضربة الإيرانية بعد الهجوم الإيراني حاولت إدارة بايدن ثني إسرائيل عن مهاجمة إيران من خلال فرض عقوبات إضافية على الأخيرة وتعتبر قاعدة نفاتيم الحظيرة الرئيسة لمقاتلات إف 35 الإسرائيلية التي يعتقد أن الهجوم على القنصلية الإيرانية انطلق منها وحسب صور الأقمار الصناعية فقد تعرضت نفاتيم وقاعدة عسكرية أخرى توجد في نفس المنطقة لأضرار طفيفة في المقابل ورغم أن بنيامين نتنياهو يرغب في جر الولايات المتحدة إلى مواجهة واسعة مع إيران فإن تأكيد إدارة بايدن أنها لن تشارك في الهجوم خفف من حماسة حكومة إسرائيل التي حاولت الموازنة بين التمسك بهيبة الردع من جهة خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى وأن لا يتسبب ردها في حرب شاملة مع إيران من جهة أخرى خاصة أنها مستغرقة في حرب غزة ومواجهات ما فتئت تتصاعد مع حزب الله في لبنان وبناء عليه راوحت الخيارات الإسرائيلية بين شن ضربات على منشآت إيرانية استراتيجية بما في ذلك المواقع النووية أو قواعد الحرس الثوري والقيام بعمليات سرية واغتيالات وهجمات إلكترونية على المنشآت الصناعية فاستهدفت قاعدة جوية قرب مدينة أصفهان بحيث تكون قريبة بدرجة كافية من المنشآت النووية الإيرانية لتأكيد قدرتها على الوصول إليها لكن من دون أن تتسبب في أضرار كبيرة تحرج إيران وتدفعها إلى الرد وقد جاء الضرر طفيفا إلى درجة سمحت لإيران بنفي وقوع هجوم إسرائيلي من عليها حسابات واشنطن على الرغم من الضغوط التي مارستها إدارة بايدن على إسرائيل لعدم الرد على الهجوم الإيراني إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تتجاوب مع ذلك وهو ما عده بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية نوعا من الإهانة للولايات المتحدة ولبايدن شخصيا ونقل عن بايدن أنه أسر لبعض مساعديه أن نتنياهو يحاول جر واشنطن إلى صراع أوسع ما عد مؤشرا على مدى ضعف النفوذ الأميركي على نتنياهو وحكومته ووفقا للمقاربة الأميركية فإن نجاح الدفاعات الجوية في التحالف الذي قادته واشنطن كان استثنائيا في إحباط الهجوم الإيراني إذ دمر أغلب الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية قبل أن تصل أجواء إسرائيل في حين تكفلت الدفاعات الجوية الإسرائيلية بأغلب ما تبقى منها وعلى هذا الأساس فقد طلب بايدن من نتنياهو التفكير بعناية وبشكل استراتيجي آخذا في الاعتبار التحالف الدولي والإقليمي الذي شكلته واشنطن للدفاع عن إسرائيل وضم دول عربية وأن عدم الرد يزيد في عزلة إيران وينهي عزلة إسرائيل التي نشأت بسبب حربها في قطاع غزة وعندما صار واضحا أن إسرائيل لا تريد الإصغاء للنصائح الأميركية حرصت إدارة بايدن على التأكيد أنها لن تشارك في أي عملية هجومية إسرائيلية ضد إيران وتبقى ملتزمة بالدفاع عنها أمام أي هجوم إيراني ويبدو أن موقف واشنطن دفع إسرائيل إلى العملية المحدودة التي قامت بها قرب أصفهان تولت القيادة المركزية للولايات المتحدة CENTCOM والتي تقع منطقة الشرق الأوسط ضمن نطاق عملها عمليا تنسيق جهود صد الهجوم على إسرائيل بالتعاون مع كل من بريطانيا وفرنسا والأردن بالإضافة إلى أنباء عن وجود دور لوجستي سعودي وإماراتي وحسب بيان للقيادة المركزية فقد أسقطت القوات الأميركية حوالى 80 طائرة بدون طيار وستة صواريخ باليستية باستخدام طائرات إف 15 وإف 16 وصواريخ نظام الدفاع الجوي باتريوت بالإضافة إلى مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية في شرق البحر الأبيض المتوسط بالتعاون مع الحلفاء وأسقطت القوات الأميركية صاروخا بالقرب من أربيل بالعراق يعتقد أنه كان متجها نحو إسرائيل كما شمل ذلك صاروخا باليستيا كان جاهزا للإطلاق وسبع طائرات بدون طيار جرى تدميرها على الأرض في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن قبل إطلاقها نجاح الدفاعات الجوية في التحالف الذي قادته واشنطن كان استثنائيا في إحباط الهجوم الإيراني وبعد الهجوم الإيراني حاولت إدارة بايدن ثني إسرائيل عن مهاجمة إيران من خلال فرض عقوبات إضافية على الأخيرة استهدفت القادة والكيانات المرتبطة بالحرس الثوري ووزارة الدفاع الإيرانية وبرنامج الصواريخ والطائرات بدون طيار التابع للحكومة الإيرانية وأكدت إدارة بايدن أنها ستواصل العمل لتعزيز وتوسيع التكامل الناجح للدفاع الجوي والصاروخي وأنظمة الإنذار المبكر في جميع أنحاء الشرق الأوسط لإضعاف قدرات إيران الصاروخية وأسطولها من الطائرات بدون طيار كما دفعت زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع إلى إدانة الهجوم الإيراني ضد إسرائيل والتهديد بـعقوبات وإجراءات إضافية لتقييد برامج إيران العسكرية وهو ما تجاوب معه هؤلاء بتأكيدهم على الاستعداد لاعتماد المزيد من العقوبات أو اتخاذ إجراءات أخرى ردا على المزيد من المبادرات المزعزعة للاستقرار والجدير بالذكر أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة قبل شنها الهجوم بيوم واحد أنها تعتزم فعله خلال 24 إلى 48 ساعة القادمة وقد أبدى بايدن ارتياحا إلى محدودية هذا الهجوم وأنه لم يؤد إلى تصعيد إقليمي خاتمة رغم أن التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران تم احتواؤه بجهد وضغط أميركي كبير على الجانبين فإن تطورات الأسابيع الثلاثة الأولى من نيسان أبريل 2024 أوضحت مدى هشاشة الوضع وإمكانية وقوع خطأ في التقديرات قد يؤدي مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة إلى إشعال المنطقة بكاملها وقد تجد الولايات المتحدة نفسها منخرطة فيه عن غير رغبة منها خاصة أن إسرائيل لا تبدي أي اعتبار للمصالح الأميركية ولا تكترث لضغوطها ونصائحها مع ذلك تستمر الولايات المتحدة في تقديم كل أشكال الدعم لإسرائيل وآخر حلقة في سلسة الدعم هذه كان تصويت مجلس النواب الأميركي في 20 نيسان أبريل 2024 على قانون ينص على تقديم مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار ما يمكنها من استمرار عدوانها على قطاع غزة والاستعداد للهجوم على رفح متجاهلة المواقف الدولية المعارضة والتحذيرات الأميركية من احتمال وقوع مجازر مروعة نتيجة وجود أكثر من 1 3 مليون فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 60 كيلومترا مربعا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح