من شنغهاي إلى شفشاون

٢١ مشاهدة
تبدأ الرحلات من مكان وتنتهي في آخر وإذا لم تختتم بسبب فهي لا شك تبدأ به فلماذا اختار الصينيون شفشاون المغربية إحدى أحب مدن العالم إليهم كما لو أنها لا تقل صينية عن شنغهاي وبكين ففي المدينة مطاعم صينية أكثر من مثيلاتها في المغرب كله مجتمعة وفنادق خاصة بهم هم الذين يزورون المدينة أكثر من باقي الجنسيات الأخرى مجتمعة عبر شركات سفر صينية يقيمون في فنادقها ويأكلون طعامها وكل ما تحصل عليه المدينة منهم الدعاية المجانية لإنعاشها بسياح آخرين لا شركات لهم ولشعبية المدينة الزرقاء لدى الشعب الصيني الشقيق أنشئت نسخة طبق الأصل من دروبها في مركب سياحي صيني كما حدث مع باريس ولندن ومدن أخرى حتى أن السفارة الصينية احتفلت بالسنة الصينية الجديدة في المدينة عام 2019 لكن شفشاون إبان الغزو الصيني ما زالت تتنفس مغربيا في فصل الربيع على الأقل طالما أن نصف العطل التي يسافر فيها المغاربة داخل بلادهم كل ربيع تتجه إلى شفشاون فيما يتجه النصف الآخر إلى مراكش ولأن عطلة العيد هي الأولى في هذا الربيع اتفق المغاربة من غير أن يتفقوا على الوجهتين ولكن كيف تتسع المدينة للجميع لقد نفد الخبز في اليومين الأولين من العطلة من شعب يشكل الخبز العمود الفقري لنظامه الغذائي ونام الناس في سياراتهم لامتلاء الفنادق فاشتكت الجحافل من قلة التسيير السياحي بدل أن تلوم نفسها على الازدحام في مدينة لن تتسع لهم جميعا حتى لو تمددت من أجلهم ذهبت أيضا لكن في آخر يوم من العطلة بإلحاح من ابنتي ووجدنا متسعا في الفنادق والمطاعم لكن الازدحام المتبقي حول شوارع المدينة القديمة وساحتها إلى سوق شعبي يطغى فيه البشر على المكان ويبرز بينهم الحضور الضاج لأطفال يبكون أو يركضون بشغب وعليك التسلل في أزقة غير مأهولة بما يجذب الزوار لترتاح نفسك وتستمتع بصفاء الأزرق ولكن خارج مواسم العطل ما من شيء يعكر اللقاء المباشر بروح المدينة التي مثل غيرها لها مزاجها الخاص تبدو المدينة للأجانب جزيرة زرقاء صغيرة وسط الجبال حتى أنها صارت حسب صحيفة ديلي ميل البريطانية أكثر المدن على وجه الأرض Instagrammable إنستغرامية فأفواج المؤثرين والبلوغرز من كل الدول يهرعون إليها من أجل خلفية زرقاء فريدة وسيلفي مثالي لذا تمثل النساء جزءا كبيرا من السياح الصينيين خاصة الشابات المدفوعات بتأثير الإنستراغموز ولكن أهم ما في المدينة التي أنشأها الموريسيكون الذين طردوا من الأندلس هندستها بأقواس أزقتها بحيث يمكن أن تتوازى الأقواس وبيوتها من كل جهة عرضيا أو طوليا لكن الأدراج التي تصعد بأهلها على متن الجبال التي روضت لتكون سكنا أكثر لفتا للانتباه بفضل الصباغة بالنيلة فتختفي الهندسة في وجه اللون ويتجول الصينيون بصمت حاملين كاميرات احترافية في كل زاوية لا أطفال بينهم ولا كبار سن على عكس السياح الغربيين الذين يتنوعون بين الأسر بأطفالها ومجموعات متقاعدين وشباب يسافر خفيفا كنت محظوظة بالاقتراب من تفاصيل المدينة حين تجولت فيها ليلا منذ سنوات قبل أن تصبح بهذا الاكتظاظ وتعمقت في دروبها الهندسية التي تشبه متاهة من منازل صغيرة كأنها رسمت على قطعة قماش صغيرة مثل آلاف اللوحات التي يبيعها شباب المدينة بأسعار بسيطة تمثل دربا أو بابا في دروب شفشاون في اليومين اللذين قضيناهما في المدينة خططنا لتذوق أطباق مطاعمها الصينية لكن رائحة الأطباق المغربية هناك سرقتنا والرائحة نصف الوجبة جودة طواجين اللحم والدجاج بالليمون تفوق الوصف بل هي على قمة المطاعم في المغرب مع أنها كانت إلى عهد قريب من بين الأسوأ كنت تحار أين وماذا تأكل وبعد سنوات من غيابي عن المدينة فوجئت بجودة الأكل الذي تقدمه مطاعم الساحة وطاء الحمام لم يستغل أهل المدينة بعد بشكل كاف السطوح كمقاه تمنح إطلالات دافئة على تفاصيل المدينة الزرقاء وجبالها الخضراء لكن الأفق الأزرق مفتوح لاحتمالات كثيرة مع احترام الطاقة الاستيعابية للمدينة التي يفوق السياح فيها عدد سكانها ومساحتها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح