رد فعل إسرائيل المحدود على الهجوم الإيراني

٣٥ مشاهدة
شنت إيران في فجر 14 نيسان إبريل 2024 أول هجوم مباشر من أراضيها ضد إسرائيل اشتمل على نحو 120 صاروخا باليستيا و36 صاروخ كروز مجنحا و170 طائرة مسيرة ردا على استهداف طائرات إسرائيلية في 1 نيسان إبريل 2024 القنصلية الإيرانية في دمشق ما أدى إلى مقتل سبعة ضباط من الحرس الثوري الإيراني بمن فيهم مسؤول فيلق القدس في سورية ولبنان محمد رضا زاهدي وقد استهدف الهجوم الإيراني قاعدتين جويتين جنوبي إسرائيل على مسافة غير بعيدة عن مفاعل ديمونة النووي وتبين بخلاف ما ادعته الرواية الرسمية الإسرائيلية أن 9 صواريخ أصابت القاعدتين الجويتين المستهدفتين وأن 5 منها سقطت في قاعدة نيفاتيم وأشارت تقارير أولية إلى أن ثمن التصدي الإسرائيلي للهجوم الإيراني بلغ ملياري شيكل في حين أشارت مصادر أخرى إلى أن تكلفته بلغت ما بين 4 و5 مليارات شيكل يعادل الدولار الأميركي 3 76 شيكلات ارتباك استراتيجي جاء الهجوم الإيراني المعلن مسبقا والمحسوب في فترة تعيش فيها إسرائيل حالة ارتباك استراتيجي نتيجة لاستمرار تورطها في حرب الإبادة التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول أكتوبر 2023 من دون أن تحقق أهدافها المعلنة القضاء على حكم حركة المقاومة الإسلامية حماس وعلى قوتها العسكرية في قطاع غزة واستعادة المحتجزين الإسرائيليين وهي تخوض مواجهة عسكرية مع حزب الله اللبناني منذ 8 تشرين الأول أكتوبر 2023 ولا تبدو في الأفق إمكانية لوقف هذه المواجهة إلا إذا أوقفت إسرائيل حربها على قطاع غزة ولا يزال نحو 120 ألف إسرائيلي مهجرين من المناطق المحاذية لقطاع غزة في الجنوب والمناطق المحاذية للحدود مع لبنان في الشمال إلى جانب ذلك تزداد حالة الارتباك في سياسة إسرائيل تجاه المشروع النووي الإيراني مع اقتراب إيران من الوصول إلى حالة دولة العتبة النووية بحيث تكون لديها القدرة على إنتاج السلاح النووي في فترة وجيزة إذا قررت ذلك وكان بنيامين نتنياهو قد شجع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 وكان يأمل أن ينتهي الأمر إلى استخدام الولايات الأميركية القوة العسكرية ضد المشروع النووي الإيراني لكن هذا الرهان فشل وقد فشلت كذلك حكومات نتنياهو المتعاقبة منذ عام 2009 في تأمين القدرات العسكرية اللازمة لتنفيذ عملية عسكرية ناجحة ضد المنشآت النووية الإيرانية إذا اقتضت الضرورة ذلك أضف إلى ذلك الصراع المحتدم في المجتمع الإسرائيلي بين المعسكر اليميني المتطرف والفاشي الذي يقوده نتنياهو والمعسكر المناوئ له بشأن الانقلاب القضائي الذي يسعى نتنياهو لتحقيقه والذي جمدته الحرب على غزة ولكنها لم تؤد إلى إلغائه إلى جانب ذلك كله تزداد الضغوط على كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين بشأن تحمل مسؤولية فشل 7 تشرين الأول أكتوبر 2023 فقد استقال في 22 نيسان إبريل 2024 رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أمان أهرون هاليفا من منصبه بسبب إخفاقه في توقع عملية طوفان الأقصى مقرا بالمسؤولية الكاملة عن الإخفاق الأمني ومن المرجح أن لاستقالته علاقة مباشرة بفشل جهازه في توقع رد فعل إيران على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق جاء الهجوم الإيراني المعلن مسبقا والمحسوب في فترة تعيش فيها إسرائيل حالة ارتباك استراتيجي وفي اليوم الذي أعلن فيه عن استقالته أبلغ الجنرال يهودا فوكس قائد المنطقة الوسطى رئيس الأركان هرتسي هليفي بأنه سينهي خدمته العسكرية في الجيش في آب أغسطس المقبل بسبب عدم حصوله على مساندة كافية من رئيس الأركان ومن المتوقع أن يحذو حذو هاليفا في الأشهر القليلة المقبلة رئيس أركان الجيش وقادة عسكريون وأمنيون آخرون ما يزيد الضغوط على نتنياهو وغيره من القادة السياسيين بمن فيهم وزير الدفاع بشأن تحمل المسؤولية أيضا وقد يدفع ذلك إلى إجراء الكنيست انتخابات مبكرة الرد الإسرائيلي واعتباراته تشكل داخل المؤسستين السياسية والعسكرية الإسرائيليتين إجماع على ضرورة الرد على الهجوم الإيراني بالرغم من معارضة الولايات المتحدة التي وفرت درعا جويا اعترض معظم الصواريخ والطائرات الإيرانية التي استهدفت إسرائيل فقد عقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في اليوم نفسه الذي شنت فيه إيران الهجوم اجتماعا للمجلس السياسي الأمني لبحث الرد الإسرائيلي وخول كابينت الحرب اتخاذ القرارات في ما يخص كيفية تنفيذ الرد وبعد اجتماعات على مدى أربعة أيام توافق أعضاء الكابينت على حجم الرد على الهجوم الإيراني وتوقيته ونفذت إسرائيل في فجر 19 نيسان إبريل 2024 هجوما محدودا أصاب رادارا إيرانيا بالقرب من مدينة أصفهان من دون أن تتبناه رسميا وأفادت وسائل إعلام أن الرادار المستهدف كان جزءا من منظومة صواريخ أرض جو إس 300 روسية الصنع منصوبة بالقرب من مدينة أصفهان لحماية مواقع متصلة ببرنامج إيران النووي معارضة إدارة جو بايدن توسيع دائرة الحرب وهو أمر نابع من مصالح استراتيجية أميركية ومن اعتبارات داخلية متعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية تفاعلت عوامل متناقضة لدى متخذ القرار الإسرائيلي بشأن الرد على الهجوم الإيراني فمن ناحية استدعى التزام إسرائيل بالردع الذي يشكل إحدى الركائز الأساسية في نظرية أمنها أن ترد سريعا بما يتناسب مع حجم الهجوم الإيراني لتحافظ على فعالية ردعها التي تضررت بشدة بعد عملية طوفان الأقصى ودخول حزب الله اللبناني بعد ذلك بيوم واحد في مواجهة عسكرية محسوبة ضدها لكن الرد الإسرائيلي جاء محدودا على الهجوم الإيراني نتيجة عدة عوامل أبرزها 1 معارضة إدارة جو بايدن توسيع دائرة الحرب وهو أمر نابع من مصالح استراتيجية أميركية ومن اعتبارات داخلية متعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني نوفمبر 2024 والحرص على عدم الانجرار إلى مواجهة عسكرية مع إيران في هذه المرحلة على الأقل 2 على الرغم من وصول 9 صواريخ إيرانية إلى أهدافها في مطارين عسكريين فإن نتائج الهجوم الإيراني بحسب ما أعلنته إسرائيل كانت محدودة ولم تسفر عن خسائر في الأرواح 3 تشكل عشية الهجوم الإيراني على إسرائيل تحالف غير رسمي شمل الولايات المتحدة ودولا أوروبية وبعض الدول العربية من أجل التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية قبل وصولها إلى الأجواء الإسرائيلية وعلى الرغم من أن بروز هذا التحالف للدفاع عن إسرائيل برهن على عجز إسرائيل عن الدفاع عن نفسها من دون مساعدة وهو ما يتناقض مع ما ادعته دائما فإنها تولي الحفاظ على هذا التحالف أهمية كبيرة مع الدول العربية خاصة وتسعى لتطويره على حساب الشعب الفلسطيني ومصالحه وقد راعت في ذلك مطلب دول هذا التحالف في عدم توسيع دائرة المواجهة والحرب مع إيران إن ردا إسرائيليا غير محسوب ضد إيران قد يؤدي إلى تحقق شعار وحدة الساحات دفاعا عن إيران 4 إن أولوية إسرائيل العليا في هذه المرحلة هي تحقيق أهداف حربها على غزة وتوسيع الاستيطان واحتواء الغضب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وهذا يقتضي بالضرورة عدم توسيع دائرة الحرب لتمكين إسرائيل من استكمال احتلال مدينة رفح وتحقيق أهداف حربها المعلنة 5 إن ردا إسرائيليا غير محسوب ضد إيران قد يؤدي إلى تحقق شعار وحدة الساحات دفاعا عن إيران وهو ما لم تحققه حرب الإبادة المستمرة على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستة أشهر ففي حال نشوء حلقة من الرد والرد المضاد بين إسرائيل وإيران أو تطور الأمر إلى حرب شاملة يرجح أن يشارك حزب الله فيها بكل قوته إلى جانب بقية المليشيات الموالية لإيران في المنطقة في حين أن إسرائيل غير جاهزة لهذه الحرب حاليا صحيح أنه صدرت دعوات إسرائيلية مختلفة لاستغلال ظروف المواجهة مع حزب الله وإيران لضرب منشآت إيران النووية بيد أن إسرائيل في واقع الأمر لا تستطيع تنفيذ هجوم ناجح بقدراتها الذاتية ولا يبدو أن الإدارة الأميركية مستعدة للانجرار إلى القيام بمثل هذا العمل علما أن إيران وجهت رسالة إلى إسرائيل مفادها أنها قادرة على ضرب المنشآت النووية الإسرائيلية إذا تعرضت منشآتها النووية للهجوم 6 يبدو أن حكومة نتنياهو تفضل في هذه المرحلة فرض مزيد من العزلة والعقوبات على إيران وإعادة بناء تحالف دولي ضدها وزيادة التنسيق مع الولايات المتحدة لمواجهة المشروع النووي الإيراني والإسراع في بناء القوة العسكرية الإسرائيلية التي تعزز الخيار العسكري ضد المشروع النووي الإيراني في حال الحاجة إليه خاتمة يبدو أن الرد الإسرائيلي المحدود وعدم تبني إسرائيل رسميا له قد أنهيا الجولة الحالية من الضربات المباشرة المتبادلة بين إسرائيل وإيران ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجولة قد غيرت قواعد الاشتباك بين الطرفين أو أدت إلى نشوء حالة ردع متبادل بينهما أو انتهاء مرحلة الصبر الاستراتيجي التي تبنتها إيران خلال سنوات تجاه الهجمات الإسرائيلية المتكررة سواء كانت داخل إيران أو خارجها أو غيرت مقاربة المعركة بين الحروب التي تبنتها إسرائيل خلال العقد الماضي لاستهداف المصالح الإيرانية على امتداد المنطقة في سورية خصوصا ويشير العديد من المحللين الإسرائيليين إلى أن المعركة بين الحروب في العقد الأخير فشلت في الوقت الذي جرى فيه تحقيق إنجازات عسكرية تكتيكية ضد التمركز الإيراني في سورية وضد المشروع النووي الإيراني في تحقيق أهدافها الاستراتيجية بما فيها منع وصول إيران إلى دولة عتبة نووية ومنع وصول أسلحة متقدمة إلى حزب الله في لبنان فضلا عن ثني إيران عن التموضع العسكري في سورية وفي كل الأحوال يبدو مرجحا أن تصير إسرائيل أكثر حذرا في استهداف المصالح الإيرانية سواء داخل إيران أو خارجها على الأقل ما ظلت الحرب على غزة مستمرة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح