الاتصالات سلاح حربي فتاك في السودان

٣٧ مشاهدة
يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا موازية للقتال الأساسي الذي دخل عامه الثاني ساحتها قطاع الاتصالات منذ فبراير شباط الماضي حين انقطعت شبكات الاتصالات في جميع ولايات البلاد قبل أن تتمكن الشركات العاملة من إعادة الشبكة إلى بعض المناطق ويتسبب هذا الانقطاع في تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين بسبب توقف التطبيقات المصرفية والتحويلات المالية وانعدام المال النقدي لديهم في بلد يشهد إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وفي ظل استخدام طرفي الحرب كل الوسائل لتحقيق انتصارات شكلت حرب الاتصالات واحدة من الوسائل التي استخدمت بشكل كبير في هذا الصراع وسط اتهامات حقوقية بأن ذلك يندرج ضمن جرائم الحرب لما له من تأثير مباشر على المواطنين وحياتهم ومنذ اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 إبريل نيسان 2023 انقسم الناس بين مناطق سيطرة كل طرف بلا مساعدات إنسانية تذكر وباتوا يعتمدون على الأسواق القليلة العاملة في توفير الغذاء والدواء وعلى التحويلات المالية التي تصلهم من الأهل والأصدقاء داخل البلاد وخارجها بعدما فقد ملايين السودانيين وظائفهم ومصادر رزقهم جراء توقف عمل المؤسسات والمصانع والأسواق والمشاريع المختلفة وفي مطلع فبراير 2024 انقطعت شبكات الاتصالات التي تشغلها ثلاث شركات هي زين الكويتية وسوداني السودانية وإم تي إن الجنوب أفريقية عن عموم البلاد وتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بشأن المسؤولية عن قطع الخدمة لكن العضو المنتدب لشركة زين سودان الفاتح عروة قال في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي في فبراير الماضي إن قوات الدعم السريع قطعت خدمات الشركة بعد إيقافها مولدات الكهرباء عن مركز البيانات الرئيسي الموجود في منطقة جبرة في العاصمة الخرطوم مما أدى لقطع الشبكة عن السودان بأكمله ونفى عروة أن تكون الشركة قد تلقت توجيهات من أي جهة بقطع الخدمة عن دارفور إذ اتهم مؤيدو الدعم السريع الجيش في منشورات على فيسبوك بقطع الخدمة عن دارفور التي تخضع أجزاء واسعة منها لسيطرة الدعم وأشار عروة إلى أن الخدمة انقطعت هناك بسبب الحرب وعدم القدرة على توصيل الوقود ومعدات الصيانة وتأمين فرق العمل واكتفت الشركات بالاعتذار لمشتركيها عن توقف الخدمة بسبب ظروف خارجة عن الإرادة حسب وصفها أما شركتا زين وسوداني فتمكنتا من إعادة التغطية في عدد من الولايات فيما ظلت مناطق أخرى مثل أجزاء من ولايات الجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض ودارفور وكردفان خارج التغطية بينما لم تتمكن شركة أم تي أن من العودة للعمل بعد دخل قطاع الاتصالات في الصراع السياسي منذ سقوط نظام البشير في إبريل 2019 وكان قطاع الاتصالات محل صراع سياسي منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير بثورة شعبية في 11 إبريل نيسان 2019 إذ تسلم السلطة المجلس العسكري الذي كونه قادة الجيش برئاسة عبد الفتاح البرهان والذي أصدر قرارا منتصف أغسطس آب 2019 يقضي بتبعية جهاز الاتصالات والبريد لوزارة الدفاع بدلا من وزارتي الإعلام والاتصالات وبعد تشكيل مجلس السيادة أصدر البرهان قرارا آخر في سبتمبر أيلول 2019 ألغى القرار السابق وقضى بتبعية جهاز الاتصالات هذه المرة للمجلس السيادي ومنذ ذلك الوقت تم قطع شبكة الاتصالات والإنترنت أكثر من مرة بسبب التظاهرات والاحتجاجات المتواصلة الرافضة لوجود العسكر في السلطة وكان أبرزها قطع الاتصالات خلال وبعد مجزرة فض الاعتصام أمام قيادة الجيش في الخرطوم في يونيو حزيران 2019 وقطعها لنحو شهر كامل في أعقاب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر تشرين الأول 2021 الذي نفذه البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي ضد حكومة عبد الله حمدوك وخلال الأيام الماضية تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خطابا من مدير جهاز تنظيم الاتصالات والبريد موجها بتاريخ 7 ديسمبر كانون الأول 2023 يطلب فيه من قوات الشرطة منع استخدام ومصادرة أجهزة الإنترنت الفضائية ستارلينك وهي الأجهزة التي أدخلتها قوات الدعم السريع بكثرة إلى أماكن سيطرتها لتعويض قطاع الشبكات العامة وحولت قوات الدعم هذه الأجهزة إلى مصادر دخل لجهة أن المواطنين اضطروا لاستخدام هذه الأجهزة للتواصل مع ذويهم والحصول على تحويلات مالية لشراء السلع الغذائية والدفع لأصحاب المتاجر والأسبوع الماضي أشارت تقارير صحافية في السودان إلى أن شركة سبيس إكس الأميركية التي تشغل خدمة إنترنت ستارلينك استجابت لطلب السلطات السودانية لإيقاف عمل محطات خدمة الإنترنت الفضائي من السودان اعتبارا من نهاية إبريل الحالي لكن الحكومة السودانية لم تصدر ما يفيد بطلب ذلك واكتفت بالصمت كما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في 16 إبريل الحالي أن المستخدمين الذين يصلون إلى خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في السودان وزيمبابوي وجنوب أفريقيا حيث لم يتم ترخيصها تلقوا إشعارات من ستارلينك بأنه سيتم قطع الخدمة عنهم بنهاية إبريل الحالي وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان صالح في حديث لـالعربي الجديد إن قطع شبكات الاتصالات في السودان يأتي في إطار الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع وهما يستخدمان كل الوسائل لتحقيق انتصارات على الأرض من دون أن يحسبوا تأثيرها على المواطن وإنما يحسبون تحقيق الانتصارات على العدو المفترض ولفت إلى أن حرب الاتصالات واحدة من المسائل التي استخدمت بكثرة في السودان وهناك مناطق كثيرة تم قطع الشبكة عنها عثمان صالح قطع شبكة الإنترنت يعني قطع مصدر دخل كل الأسر في السودان وتعريضها للتجويع وأشار إلى أن أول تأثير لذلك أن الناس داخل السودان لا يستطيعون التواصل مع الآخرين ولا يستطيعون الاطمئنان إلى أهلهم مع انتشار رقعة الحرب والرصاص المنهمر لأن قطع شبكة الاتصالات عرقل التواصل وهو أكبر ضرر أصاب الشعب خلال هذه الفترة في وقت توقفت كل الأعمال واستهلك الناس مدخراتهم وأصبح اعتمادهم على المعيشة يستند بصورة أساسية على تحويلات الخارج والتي تعتمد بدورها على شبكة الاتصالات ولفت إلى أن قطع الشبكة يعني قطع مصدر دخل كل الأسر في السودان وتعريضها للتجويع مضيفا من أخطر الأسلحة استخدام سلاح التجويع ضد شعبك وأوضح صالح أن خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية مخصصة للمناطق المنكوبة لتوفير الشبكة للمناطق التي لا تصلها الخدمة التقليدية لافتا إلى أن الحكومة قررت إيقاف خدمة ستارلينك وهي لم تدرس هذا القرار أو أنها تعرف آثاره لكنها غير مهتمة بتأثير ذلك على انقطاع الشعب عن العالم وتوقف التحويلات المرسلة للمعيشة والعلاج ومشاكل الحياة اليومية واعتبر المدافع عن حقوق الإنسان أن ما تقوم به الحكومة السودانية يندرج ضمن جرائم الحرب لأنه يؤثر على المواطنين وهم غير مشتركين في الحرب بصورة مباشرة وفرض عقوبات عليهم يمكن أن يؤدي لتعريض حياتهم وصحتهم للخطر وأضاف تتحمل الحكومة المسؤولية عن ذلك لأنه بقطع خدمة الإنترنت يتوقف التواصل وارتباط السودان بالعالم ويتوقف التعليم عن بعد والبنوك والتحويلات المالية ويتم حرمان الناس من كل هذه الخدمات وفي الخرطوم حيث جالت العربي الجديد في مناطق طيبة والشقيلاب والدخينات والكلاكلة اللفة جنوب الخرطوم افتتح مواطنون وتجار متعاونون مع قوات الدعم السريع مكاتب لتقديم خدمة الإنترنت عبر ستارلينك وتبلغ قيمة الاتصال لمدة ساعة ما بين ألفين وثلاثة آلاف جنيه الدولار الأميركي يساوي نحو 1400 جنيه ومثل ذلك طوق نجاة للمواطنين الذين عانوا من انقطاع شبكات الاتصال التي يحصلون عبرها على تحويلات وإعانات مالية من خلال التطبيقات المصرفية وقد سادت الآن حالة من الخوف وسط هؤلاء المواطنين بسبب توقف حصولهم على المال إذا تم قطع الإنترنت وباتت غرف طوارئ عديدة شكلتها لجان المقاومة تنظيمات شعبية ومنظمات خيرية ومبادرات المطابخ الشبابية في الأحياء تعتمد على التبرعات التي تصلها عبر التطبيقات المصرفية لشراء السلع الغذائية وتشغيل آبار ومحطات المياه من أجل معيشة السكان الموجودين في مناطق سيطرة الدعم السريع أو الموجودين في مناطق لا تصلها المساعدات الإنسانية وتضم الآلاف من النازحين الذين لا يملكون قوت يومهم ويعتمدون على هذه المطابخ في الحصول على الطعام وتنشر هذه المبادرات أرقام حساباتها على مواقع التواصل وتتلقى التبرعات لإطعام الناس آلاف الأسر في الخرطوم تستخدم شبكة الإنترنت والاتصالات للتواصل مع ذويها وتلقي الإعانات المالية وأبدى أحمد وهو عضو في أحد المطابخ الخيرية بمنطقة شرق النيل في الخرطوم بحري مخاوفه من وقوع كارثة ومجاعة إذا توقفت المطابخ الخيرية التي تقدم الطعام والماء للأسر المحاصرة في الخرطوم وأضاف في حديث لـالعربي الجديد أن مطبخهم يقدم الوجبات لنحو 600 أسرة يوميا ويعتمد في ذلك على التحويلات المالية التي ترد للمطبخ من فاعلي الخير والمتبرعين داخل وخارج السودان وقال إن آلاف الأسر في الخرطوم التي تقع مناطق واسعة منها تحت سيطرة قوات الدعم السريع تستخدم شبكة الإنترنت والاتصالات للتواصل مع ذويها وتلقي الإعانات المالية لافتا إلى أن مطبخهم يعتمد على تطبيق بنكك التابع لبنك الخرطوم وتطبيق فوري التابع لبنك فيصل الإسلامي لشراء السلع وإذا انقطع الإنترنت سيتوقف عملهم بالكامل من جهته قال المواطن مصطفى علي الذي يقيم في الخرطوم لـالعربي الجديد إنه بعد توقف شبكات الاتصالات العامة واجه وأسرته الجوع بسبب فشلهم في الحصول على مال نقدي عبر تحويله من تطبيقهم المصرفي للمتاجر مثلما كان يفعل سابقا ولفت إلى أنه بعد فتح مكاتب تقديم الإنترنت عبر ستارلينك تمكن من الحصول على تحويلاته المالية من الأقارب وأشقائه خارج الخرطوم وتابع أذهب إلى مكتب خدمة واي فاي وأقوم بالتحويل من التطبيق المصرفي لصاحب المكتب ويعطيني مالا نقديا مقابل نسبة 10 في المائة وهكذا نشتري السلع الغذائية لكن إذا توقفت الشبكة مجددا فسنواجه الجوع بلا شك

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح