إسرائيل قلقة من احتمال سحب استثمارات الجامعات الأميركية

٤٩ مشاهدة
ما أشبه ما يجري في الجامعات الأميركية اليوم بحكاية سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حينما تحولت المعارضة الطلابية لنظام جنوب أفريقيا العنصري وقتها من الأدوات المعنوية واللسانية في الاحتجاج إلى المعارضة العملية والضغط المباشر على أدوات التمويل والاستثمار وحتى الآن يسطر التاريخ نجاح ثلاث ثورات طلابية ضد الظلم والحرب في العالم حيث نجحت الثورة الطلابية في أميركا في الستينيات من القرن الماضي بكتابة نهاية الحرب الأميركية ضد فيت ـ كونغ وعودة فيتنام حرة كما نجحت الاحتجاجات الطلابية كذلك في القضاء على النظام العنصري في جنوب أفريقيا مستخدمة ضرب المحافظ المالية التي أجبرت الشركات والحكومات على سحب أموالها من جنوب أفريقيا واليوم يلجأ الطلاب في أميركا إلى نفس الأسلوب حيث يضغطون على الجامعات الأميركية بسحب استثماراتها من إسرائيل وشركاتها ومشروعاتها عبر حرمانها من ضخ أموال صناديق الوقف في الجامعات من الأسهم والسندات المستثمرة بالشركات الداعمة للكيان المحتل وبالتالي يتزايد القلق في تل أبيب وشركائها في جرائم الحرب القذرة على غزة من تطور المظاهرات الطلابية من المعارضة المعنوية إلى المعارضة العملية التي ستضرب المال عبر سحب الاستثمارات من إسرائيل ومقاطعة الشركات التي تدعمها وفق مراقبين فالثورة العارمة ضد جرائم إسرائيل التي تجتاح أميركا وأوروبا منددة بالعدوان البشع على الفلسطينيين في غزة تعيد إلى الأذهان مشهد الاحتجاجات الطلابية التي انتظمت الجامعات في القرن الماضي ضد نظام الميز العنصري في جنوب أفريقيا والتي تواصلت حتى كتبت نهايته ففي جامعة كولومبيا في نيويورك على سبيل المثال يطالب المتظاهرون الجامعة بإعادة توجيه كل أموالها بما في ذلك وقفها بعيدا عن الشركات والمؤسسات التي تستفيد مما يسمونه الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية والاحتلال في فلسطين وفق قناة سي بي أس الأميركية وتشمل الشركات التي يقولون إنها تستفيد من هذه الصناديق شركات كبرى مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت وطالبت لجنة التضامن مع فلسطين في جامعة تكساس في مدينة بوستن إدارة الجامعة بإلغاء ملايين الدولارات التي تستثمرها في الشركات التي تصنع الأسلحة والتي قالت إنها متواطئة في الإبادة الجماعية في غزة كما تم تقديم مطالب مماثلة في حرم الجامعة في دالاس من قبل طلاب من أجل العدالة في فلسطين وتتوسع المعارضة ضد إسرائيل وجرائمها الوحشية في أميركا حيث انضمت إلى الجامعات الأميركية المدارس الثانوية وحتى بعض المدارس الابتدائية حسب ما نقلته وسائل التواصل الاجتماعي وبات هناك مطلب أساسي وموقف يقع في قلب الاحتجاجات على الحرب في غزة ينتظم حاليا بالحرم الجامعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة وحول العالم وهو أن تسحب الجامعات الأميركية استثماراتها من إسرائيل والشركات الداعمة لها وهذا يعني سحب الأموال التي استثمرتها أوقافهم في شركات مرتبطة بدولة الاحتلال وربما تتطور إلى وقف التعاون العلمي مع المؤسسات البحثية الإسرائيلية ويعد سحب الاستثمارات الاحتجاجية هو شكل من أشكال المعارضة العملية حيث يقوم المساهمون عمدا ببيع أصولهم من الشركة لإحداث تغيير اجتماعي ومن خلال بيع الأسهم أو السندات يأمل المتظاهرون في التأثير على ربحية الشركات وربما بث الذعر وسط المستثمرين في أسهمها بالبورصات مما يعني هروب المستثمرين من أدواتها المالية وربما الوصول إلى انهيارها ولا يدري البعض القوة المالية لصناديق الوقف التي تملكها الجامعات الأميركية ولكنها قوة مالية كبيرة تفوق التريليون دولار ووفق بيانات المركز القومي لإحصائيات التعليم في أميركا فإن حجم صناديق الوقف في الـ20 جامعة الكبرى في الولايات المتحدة بلغ في نهاية عام 2021 نحو 927 مليار دولار وتوجد في أميركا وحدها نحو 3982 جامعة وتنضم إلى هذه الجامعات نظيراتها في أوروبا وأستراليا واليابان وهذا يعني أن حجم الأموال في صناديق الوقف في الجامعات الأميركية تفوق رقم التريليون دولار بكثير وقد تصل إلى أكثر من تريليوني دولار وفق تقديرات غير رسمية عندما تنضم لها الجامعات الأوروبية وكمثال على ذلك فإن جامعة هارفارد لديها وقف يبلغ 53 مليار دولار نشط في الاستثمارات بأسواق المال ولدى جامعة ييل 42 مليار دولار وتكساس 40 مليار دولار وستانفورد 38 مليار دولار وبرينستون 37 مليار دولار وذلك حسب بيانات المركز القومي لإحصائيات التعليم في أميركا يضاف إلى هذا الثقل المادي الثقل المعنوي واحتمال تطور الضغوط لتصل إلى صناديق البلديات والمؤسسات المدنية مثل المستشفيات والخدمات مثل المياه والكهرباء التي سبق أن تضامنت مع المعارضة الطلابية ضد العنصرية في جنوب أفريقيا وتشير دراسة في جامعة ييل الأميركية إلى أن قضية العقوبات ضد النظم تحوز نسبة نجاح كبيرة كما هو الحال في قضية جنوب أفريقيا حينما تم تطبيق العقوبات ضد النظام العنصري في جنوب أفريقيا في منتصف الثمانينيات وهذه الجامعات العريقة ولا سيما الجامعات الأميركية تمثل قيادة التقدم التقني والوظيفي في كبرى الشركات والمؤسسات الأميركية المدنية والحكومية وهو ما يعني أنها ستلعب دورا كبيرا في نشر الوعي ضد نظام الميز العنصري والاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية واحتلالها بالقوة وتشريد أهلها وحتى الآن لعبت هذه الاحتجاجات دورا كبيرا في بث الوعي وتثقيف الشعب الأميركي بالقضية الفلسطينية كما كشفت مزاعم وألاعيب أبياك والمنظمات الأخرى المناصرة لإسرائيل ومن المتوقع أن تتضافر عمليات سحب استثمارات الجامعات الأميركية من الشركات الداعمة لإسرائيل إلى جهود منظمة بي دي أس BDS التي تكونت منذ عام 2014 وتقوم بدور نشط في مقاطعة البضائع الإسرائيلية والشركات الداعمة لنظام الميز العنصري والاحتلال الإسرائيلي وحتى الآن تهدد اللوبيات والشركات الكبرى الداعمة للكيان الإسرائيلي وعلى رأسها أيباك الطلاب بحرمانهم من الوظائف في المستقبل كما يهدد بعض الأثرياء الجامعات الأميركية بحرمانها من التبرعات وفي الكونغرس مرر اللوبي الصهيوني الداعم لإسرائيل قانون تجريم معاداة السامية وربط بينها وبين معارضة السياسة الإسرائيلية والحرب ضد غزة ولكن هذه التحركات الداعمة لإسرائيل تثير السخرية والغبن في آن معا وسط الحركات الطلابية التي تؤمن بأن انتقاد إسرائيل لا يعني معاداة السامية وأن المجرم ليس له جنس أو دولة وأن ما ارتكب ويرتكب في غزة من جرائم ضد المواطن الفلسطيني لا علاقة له بمعاداة السامية ورغم رفض بعض إدارة الجامعات الأميركية حتى الآن سحب استثماراتها من إسرائيل والشركات الداعمة لها فإن جامعات أخرى رضخت لضغوط الطلاب وقالت إنها ستجري محادثات مع الطلاب المتظاهرين حول سحب الاستثمار أثناء محاولتها قمع الاحتجاجات المتزايدة وذلك وفق تقرير بقناة سي بي أس الأميركية وتأتي هذه التهديدات بسحب الاستثمارات في وقت تراجع فيه وكالات التصنيف الائتماني تصنيف الأصول الإسرائيلية كما تأتي الضغوط الطلابية في وقت يئن فيه الاقتصاد الإسرائيلي من كلف الحرب على قطاع غزة ويحاول اجتياح رفح وهو بحاجة إلى مزيد من التمويل وترتفع الديون في إسرائيل إلى أكثر من 300 مليار دولار وفق البيانات الرسمية كما يعاني الكيان من هروب المستثمرين من بورصة تل أبيب ويتواصل اهتزاز الشيكل وهو ما يعني أن حكومة نتنياهو بحاجة ماسة للحصول على أموال عبر طرح سندات دين دولية أو محلية خلال العام الجاري لتمويل العجز بالميزانية وتترقب اكتتاب الشركات والجامعات الأميركية والمساهمة في تغطية تلك السندات هل يشكل سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا نموذجا في الجامعات الأميركية اليوم واجهت الشركات الأجنبية صعوبة في ممارسة الأعمال التجارية في جنوب أفريقيا بسبب الضغوط التي تواجهها بلدانها الأصلية المطالبة بسحب الاستثمارات وقادت هذه الضغوط إلى تضاؤل جاذبية جنوب أفريقيا للشركات العالمية وحسب دراسة ييل أوضح أحد المسؤولين التنفيذيين في مصرف تشيس مانهاتن الأميركي وقتها انسحاب شركته من جنوب أفريقيا بقوله شعرت أن المخاطر المرتبطة بالاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي أصبحت مرتفعة للغاية في جنوب أفريقيا وقررنا الانسحاب وتابع لم تكن النية أبدا تسهيل التغيير السياسي بجنوب أفريقيا وتم اتخاذ القرار بناء على ما هو في مصلحة المصرف ومستثمريه ونشأت الأزمة المالية في جنوب أفريقيا بسبب قرارات بنوك القطاع الخاص التي رأت تدهورا بالوضع الاقتصادي الذي زرع الشكوك في الجدارة الائتمانية للبلاد وقتها وتقول الدراسة إن تداعيات الضغوط على الشركات بسحب استثماراتها كانت أكبر بكثير من العقوبات العامة التي تلت ذلك من الدول وفي أغسطس من عام 1985 ألقى الرئيس الجنوب أفريقي وقتها بيتر بوتا خطابا قدم فيه إصلاحات بنظام الفصل العنصري لكن الإصلاحات كانت أقل بكثير من المطالب الجماهيرية والطلابية وعندما اشتدت الأزمة في جنوب أفريقيا انخفضت عملة الراند المحلية أكثر وفي أواخر أغسطس أغلقت الحكومة البورصة مؤقتا وكذلك أسواق الصرف الأجنبي وعلقت مدفوعات الفائدة على ديونها وانتهت الضغوط إلى خروج نيلسون مانديلا من السجن وفي 9 مايو 1994 تم انتخابه رئيسا لجنوب أفريقيا ولم تكن رئاسة مانديلا التاريخية ممكنة على الإطلاق خلال فترة الفصل العنصري والتي تحققت نهايتها جزئيا من خلال سحب الاستثمارات الاحتجاجية من جنوب أفريقيا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح